تعد الاختصاصات الطبية أحد المؤشرات المهمة لتقييم درجة التطور النوعي للخدمات الطبية, وقد شهدت مصر تطوراً کبيراً في الاختصاصات الطبية, والتي بالرغم من زيادتها إلا أن صورتها التوزيعية تُظهر خللاً مکانياً واضحاً؛ وتواجه مشکلات وعقبات تتمثل في النقص الشديد في عناصرها المتمثلة في الأطباء والأسرة العلاجية؛ حيث يميل القسم الأکبر منها نحو الترکز في مراکز وتجمعات سکانية دون غيرها, مما يؤثر سلباً على نمط الرعاية الصحية وزيادة معدلات تدهور حالة المرضى, في حين يسهم الوصول السريع إلى الخبرة الطبية المتخصصة في تقليل معدلات الوفيات, ومن هنا تتضح أهمية وضرورة التخطيط الصحي وفق أسس تأخذ بعين الاعتبار الاستغلال الأمثل للإمکانيات البشرية والمادية المتاحة مع ضرورة مراعاة مبدأ التوزيع العادل والمتوازن لعناصر الخدمات الصحية.
وتحاول هذه الدراسة معالجة قضية سوء التوزيع للأطباء واختصاصاتهم المختلفة, وترکزهم المکاني بمستشفيات دون غيرها, والأسرة العلاجية واختصاصاتها المختلفة في ضوء خريطة الأمراض الشائعة في محافظة أسيوط, والکشف عن الاختلافات المکانية في توزيعها, وإلقاء الضوء نحو إمکانية التعامل مع هذه المنظومة بالشکل الذي يسمح بديناميکيتها وإعادة توزيعها وفقاً لتغير خريطة الأمراض.
ولتحقيق أهداف البحث اعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي التقويمي وانسجاماً مع هذه المنهجية تحرکت الدراسة وفقاً لمجموعة محاور تمثلت في دراسة تطور المرضى المترددين والأطباء والأسرة, وتحليل التوزيع الجغرافي لها, وتحليل معدل الأداء العام للمستشفيات, ودراسة الأنماط المکانية لتوزيع الحالات المرضية, وتوزيع والأطباء والأسرة بالمستشفيات, وتقييمها جغرافياً بالتطبيق على أمراض مختارة في المحافظة, وتوصلت الدراسة لعدة نتائج يمکن أن تسهم في تحديد وإعادة توزيع الإحتياجات الفعلية لسکان التجمعات السکانية بمراکز المحافظة من الأسرة العلاجية, الأطباء واختصاصاتهم الطبية.