تتناول هذه الدراسة فلسفة الحدث التاريخي من خلال جملة من النظريات التاريخية والتي سنحصرها في نظريتين فقط وهما: نظرية (العمران والعصبية) عند ابن خلدون مع إبراز تفوق ابن خلدون على کل من سبقه من علماء عصره من العرب وغيرهم في تفسير التاريخ، ونظرية (التحدي والإستجابة) عند توينبي والتي علَّل فيها الأحداث التاريخية ونشأة الحضارات وسقوطها موضحًا من خلالها نظرته للتفسير التاريخي، کما تسعى الدراسة إلى تزويد القارئ بمقارنة بين النظريتين (أوجه الشبه والإختلاف) للتعرف على جوانب التکامل والتفوق والتميز لکلا المفکرين من خلال تفسيرهما للحدث التاريخي وکذا لنظرتهما إلى مآل الحضارات، وکيف يکون المستقبل المنشود.
وتکمن أهمية الدراسة من حيث أنها تلقي الضوء على کيفية تفسير الأحداث التاريخية من حيث صعود وسقوط الحضارات بين ابن خلدون وتوينبي وأثر نظريتيهما وموقعهما في تفسير الأحداث التاريخية، وقد استند البحث على مصادر عربية وأجنبية منها مؤلفات ابن خلدون وتوينبي، عطفًا على غيرها من المراجع المتنوعة. وبعد البحث والتقصي توصل البحث إلى عدة نتائج منها أن نظریتا ابن خلدون وتوينبي کونتا تکامل وتناغم في الفکر الأيديولوجي، وکأن توينبي أقام البناء الفکري لنظريته على الکثير من أعمدة فکر ابن خلدون من خلال نظرية (العمران والعصبية) لذا رأينا أن أوجه الشبه في الآراء بينهما في کثير من محاور تفسير التاريخ متشابهة مع بعضها بل حتى أنها في بعضها تکاد تکون متکاملة.