کان السببَ المباشر لإنشاء القصيدة هو رغبة کعب في الاعتذار لرسول الله (r) طمعًا في عفوه بعدما جعله في قائمة المهدر دمهم، وکانت جذور الشاعر الثقافية والفنية التي کوَّنتْ شاعريته وتقاليده الفنية. ولم يکن للإسلام بعدُ دوره الکبير فيها؛ خصوصًا وأنَّ الشاعر قد أنشأ هذه القصيدة وذهب بها إلى الرسول (r)، تارکًا الجاهلية لتوِّه، لکنَّه لم يتخلص بعدُ من إرثها الثقافيّ والفنيّ. وتمثُّل کعب للروح الإسلامية في قصيدته نراه ضعيفًا، فکيف نعدُّ قصيدته إسلامية؟! وإذا قلنا إنَّها جاهلية، فما التقاليد الفنية الجاهلية التي تمثلها القصيدة؟ وما جذورها العقائدية والأسطورية التي تتخفّى في ثنايا القصيدة؟ وفي هذا لا ننسى أنّ فنية الشعر غالبا ما تتجاوز العقائد، على الرغم من تأثره بها ودفاعه عن بعضها أو هجومه على بعضها الآخر. وأرى أن إعجاب الرسول(r)بالقصيدة وإثابة الشاعر ببردته، التي تمثل الحماية والأمان للشاعر، ينبعث من إدراک النبي(r)لأهمية قصيدة تنطلق من أسس فنية جاهلية لتنقض الجاهلية وتبرز عوارها، وتعتذر لنبي الإسلام وتمدحه وصحبه الذين أطاعوه. وهذا البحث يتتبع العناصر الأسطورية المتمثلة في القصيدة.