برزت في الآونة الأخيرة، مع تطور المجتمعات واقتصاديات الدول والشرکات، عديد من المتغيرات الاجتماعية والسياسية والبيئية وکذلک الأخلاقية التي تحتم على الشرکات ومنظمات الأعمال أن تسهم بدور فعال في تنمية مجتمعها والحفاظ على بيئتها بشکل مستمر. بل إن العديد من الاتجاهات البحثية الجديدة تؤکد أن سمعة الشرکات أصبحت تعتمد بشکل أساسي على نظرة المجتمع إلى هذه الشرکات، واعتبار أنها شرکات مسئولة وملتزمة تجاه المجتمع الذى تعيش فيه .
ويرتبط نجاح العلاقات العامة في تحقيق أهدافها بالتخطيط الاستراتيجي، ومن ثم يمکن لأنشطة العلاقات العامة ذات التوجه الاستراتيجي المساعدة في تحديد کافة المتغيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية المحيطة بالمنظمات، کما تقدم للمنظمات مدخلاً أساسياً لتعديل سلوکها التنظيمي، الأمر الذى من شأنه دعم ثقة الجمهور والرأي العام، وکذلک دفع عجلة التنمية في البلاد ^([i]).
وتشير الاتجاهات الحديثة وواقع ممارسة العلاقات العامة إلى أن التحدي الأکبر الذى يواجه العلاقات العامة هو بناء الثقة المجتمعية وإدارة العلاقة بأصحاب المصالح، ويتحقق ذلک من خلال اتجاه منظمات الأعمال في القطاعين العام والخاص إلى إدارة سمعتها بفاعلية، وفى الوقت نفسه تقديم المشورة للإدارة العليا حول آليات التنمية ووسائل خدمة المجتمع^([ii]) .
وقد أثبتت نتائج العديد من البحوث والدراسات الحديثة أن العلاقات العامة في الدول المتقدمة تحظى بتقدير واهتمام الإدارة العليا، وأن ممارسي العلاقات العامة يتوقعون دائماً اتساع أدوارها وامتدادها إلى قطاعات التنمية، حيث يمکن للعلاقات العامة دعم جهود التنمية بشکل کبير، وهذا ما جعل العديد من الباحثين والممارسين يقرون بحدوث تحول في نموذج العلاقات العامة وتحول دورها إلى دور مؤسسي يخدم الدولة ککل ^([iii]).
وتحاول هذه الورقة البحثية تقديم رؤية نظرية لمفهوم وأدوار العلاقات العامة التنموية، وذلک للوقوف على تطور مجالات وأدوار العلاقات العامة وانتقالها من النظرة الضيقة التي تربطها بالإدارة فقط إلى النظرة الأوسع الأخرى التي تربطها بتنمية المجتمع في کافة القطاعات والمجالات کاتجاه بحثي جديد من المتوقع له أن يشهد نمواً وتطوراً في الفترة القادمة.
وتتناول الورقة البحثية خمسة محاور رئيسة هي:
أولاً: تطور مفهوم العلاقات العامة وارتباطه بقضايا التنمية
ثانياً: العوامل المؤثرة على تطور مفهوم العلاقات العامة واتجاهه إلى قضايا التنمية
ثالثاً: الأدوار التي تمارسها العلاقات العامة في مجال التنمية
رابعاً: حملات العلاقات العامة في مجال التنمية
خامساً: اتجاهات الباحثين في الربط بين العلاقات العامة ونماذج التنمية