إن ما ساعد الإعلام الرقمي على الانتشار ارتباطه بالتقنية المتطورة بسرعة فائقة، والتي أصبحت تطورات مذهلة، وبطبيعة الحال ستشهد البشرية تطورات أخرى في المستقبل القريب، قد تطغى على الإعلام الرقمي الحديث من خلال بوادر بدأت بالظهور تتجسد بالإعلام الافتراضي التصوري، والوسائل التفاعلية الشاملة.
إن بقاء أو انقراض أية وسيلة إعلامية مرتبط بمستويات تطور المجتمعات الإنسانية في الجوانب الاقتصادية والعلمية والثقافية، کما إن ارتفاع مؤشرات الفقر والأمية سيدفع طبقات واسعة من المجتمعات الدولية إلى أن تبقى بعيدة عن الاندماج بثورة التقنية التي تتسارع وتيرتها يوماً بعد آخر، وسيبقى اعتماد تلک المجتمعات الفقيرة على الإعلام التقليدي. کما أنه لا يمکن الاعتماد فقط على وسائل التواصل الاجتماعي کمصدر للأخبار والمعلومات لأسباب عديدة سوف تقوم الدراسة بإبرازها.
أن وسائل الإعلام الرقمية تمثل بحد ذاتها تطوراً کبيراً ومتفوقاً على وسائل الإعلام الأخرى التقليدية، وأدى ذلک إلى ثورة هائلة في نمط الاتصال ليقود عالمنا إلى مجتمع معلومات اتصالي ولتقود تکنولوجيا الاتصال الرقمي ثورة في مجموعة من الميادين التي حولت المجتمع الى معلومات رقمية. کما أن ما يميز الإعلام الرقمي أنه متاح لجميع البشر مهما اختلفوا کما أنه لا يعترف بقيود الإعلام التقليدي، کما يتميز بتدفق المعلومات ويقوم بتوفير فرص للحصول على المعلومات بطريقة لم تتوفر للمتلقي من قبل، لا من حيث الوسائل أو النوع أو الکمية.
لقد أصبح للوسائل الإعلامية التقليدية مواقعها على الإنترنت، لأنها أدرکت ضخامة التحديات والمنافسة التي تواجهها من النشر الإلکتروني والبث الإلکتروني. أن الإعلام التقليدي يقود قاطرة الإعلام الحديث، وهناک تکامل بينهما، واستفادة متبادلة إن جاز التعبير ولا يمکن القول إن هناک صراعاً ينتهي باختفاء أي منهما کما سنوضحه في الدراسة.
ومع ذلک فقد حوت وسائل الإعلام الجديد في ثناياها العديد من الإشکاليات والتي إن کانت موجودةمن قبل لکن هذه الوسائل حفزت من ظهورها بشکل واضح وزادت من اختناقاتها وتأزمها وتتعدد هذه الإشکاليات لکن سوف ترکز هذه الدراسة على بعض منها کالهوية والأمن القومي والمعلوماتي إضافة للثقافة السياسية وجميعها لم يکن لها تأثير کبير في الإعلام التقليدي وسنتناول ذلک بشيء من التفصيل کل منهم على حده وغيرها في صلب الدراسة.