شهدت السنوات الأخيرة تقدماً ملحوظاً في مجال انتاج الإعلانات التليفزيونية، حيث يتبارى مصممو الإعلانات للتفرد في ظل التزاحم الإعلاني بتقديم اعلانات جديدة مبتکرة، تعتمد على حسن توظيف جميع العناصر المکونة للإعلان، من أجل الحفاظ على الجمهور والتأثير عليه، فالإعلان علم وفن يدخل في إطاره الإبداع والتفکير والتأثير، حتى يکون اعلاناً مختلفاً ومتميزاً يستطيع الوصول للجمهور المحاط بآلاف الرسائل الإعلانية من مختلف وسائل الإعلام، ويجذب انتباهه، ويظل ثابتاً في ذهنه.
فالإعلان المتسم بالإبداع والتميز يخلق انطباعاً ايجابياً لدى الجمهور، لأن الإبداع يعتبر الرکيزة الأساسية لتحقيق النجاح المستهدف من الإعلان، حيث يؤدى الى قيام الإعلان بوظائفه المختلفة ابتداءً من جذب انتباه المتلقين مروراً بإثارة اهتمامهم ورغباتهم انتهاءً بإحداث الاقتناع لديهم، وتحقيق الاستجابة المطلوبة، فالإبداع هو نشاط ذهني متميز ناتج من تفاعل عوامل عقلية وشخصية واجتماعية ومهنية لدى الشخص المبدع، بحيث يؤدى هذا التفاعل إلى إنتاج إبداعي جديد مبتکر يتصف بحداثة العهد recency والأصالة originality والقيمة value والحساسية للمشکلات sensitivity of problems
وقد اهتمت الدراسات الإعلانية مع بداية الألفية الثالثة بقياس العمليات الإبداعية للتعرف على خصائص الإعلان المبدع والمؤثر، حيث إن هناک عدة أسباب أدت إلى زيادة الاهتمام بدراسة تأثير الإعلانات وبصفة خاصة الإعلانات التليفزيونية، من أهمها أن الإعلانات تستحوذ على الجزء الأکبر من الميزانية الترويجية، وکذلک رغبة المعلنين ووکالات الإعلان في معرفة تأثيرات الإعلانات التليفزيونية مقارنة بتأثيرات وسائل تنشيط المبيعات الأخرى، وانتشار التجارة الالکترونية.
وتسعى الدراسة الحالية الى الترکيز على الناتج الإبداعي، باعتباره منتج جديد متميز غير تقليدي، يستهدف تحقيق تأثير على الجمهور، من خلال الفهم الجيد لمحتوى الإعلان التليفزيوني باستنتاج واستخلاص معلومات منه، وأيضاً إمکانية تذکر المحتوى باستدعاء أو استرجاع المعلومات المختزنة في الذاکرة، والمتعلقة بمحتوى هذا الإعلان المبدع.
لذا تأتي هذه الدراسة في محاولة لاختبار أثر توظيف السمات الإبداعية في الإعلانات التليفزيونية على فهم وتذکر الجمهور للمحتوى، هذه السمات المرتبطة بمستوى نجاح وفاعلية الاتصال، وهذا يؤدى بدوره الى جذب المزيد من المعلنين، وبالتالي يرتبط بتحقيق أرباح، وهو ما يحقق في النهاية نجاح المؤسسة الاعلامية، ويضمن لها الاستمرار في أداء خدماتها.