مر التاريخ الأوروبي الحديث بالعديد من المراحل التي ساهمت في إعادة تشکيل بنيته السياسية، فرغم النهضة الأوروبية إلا أن الاقتتال بين الممالک کان لا يزال قائماً، وهناک تطلع دائم للانقضاض على أملاک الغير، ذلک عوضاَ عن بقايا الشحن الطائفي. کل هذه الظروف قد ساهمت في تهيئة الأجواء ودفع بعض الساسة والمفکرين نحو البحث عن حلول من أجل الوصول إلى حالة من السلام الأوروبي المستدام، وکانت "الوحدة الأوروبية" واحدة من هذه الحلول، وهو الأمر الذي تعمل هذه الدراسة على توضيحه.ظلت نداءات الوحدة الأوروبية نداءً يأتي على لسان مفکري أوروبا وليس سياسييها، منذ أن نادى المفکر الإنجليزي "وليام بن" عبر مقالته المنشورة عام 1693 " نحو سلام أوروبي في الحاضر والمستقبل من خلال تأسيس برلمان أوروبي" کمحاولة منه لإنقاذ أرواح الأوروبيين التي تلتهمها الحروب. وهو نفس الطرح الذي تقدم به الفيلسوف الألماني "إيمانويل کانط Immanuel Kant عبر مقالته عام 1880 التي ترجمت إلى الفرنسية " من أجل سلام دائم pour la Paix perpetuelle “، والتي دعا فيها إلى تدشين إطار عمل موحد يجمع الممالک الأوروبية المتحاربة. وظلت هذه النداءات متکررة إلى أن تمت ترجمتها إلى هياکل سياسية ظلت تنمو بشکل تدريجي إلى أن وصلت إلى الصيغة الحالية المعروفة بالاتحاد الأوروبي.