يتناول هذا البحث حادثة قتل القس مقاري بن مسلم بن شبري رئيس رهبان دير سانت کاترين في أواخر العصر المملوکي (سنة899هـ/1494م) على يد محمد بن عبد القادر بن عليق أحد عُربان أولاد علي في ضوء الوثائق المحفوظة في مکتبة الدير، وهي على قدر کبير من الأهمية، کونها تکشف لنا عن طبيعة العلاقة بين الرهبان والعربان وتطورها في منطقة الطور في تلک الفترة، التي کانت تشهد تقاربًا وتعاونًا في بعض الفترات، وتوترًا وصراعًا في فترات أخرى، وأن حادثة القتل تمثل تطورًا بالغ الخطورة لم يسبق حدوثه في العلاقة بينهما، بل يُعد الأعنف فيما بينهما خلال العصر المملوکي، وسرعان ما تنتهي إلى التصالح بينهما دونما حاجة إلى تدخل السلطات الحاکمة.
وقد عالجت الدراسة حادثة القتل، وتوصلت إلى التاريخ الدقيق الذي وقعت فيه، والدوافع وراء ارتکابها، والإجراءات السلمية الرسمية التي اتخذها رهبان الدير لمعاقبة القاتل على جريمته تجاه رئيس الدير، عن طريق رفع دعوى جنائية ضده، ثم رفع شکاوى إلى السلطات الحاکمة، وموقف السُّلْطات الحاکمة الرسمي بالقاهرة متمثلة في السُّلْطان قَانصُوه الغَوري والأمير طومان باي الدَّوَادَار الکبير، مع نشر الوثائق المتعلقة به.