المقدمة : على الرغم من وجود حضارة موسيقية بفرنسا منذ زمن طويل إلا أنه في مطلع القرن
التاسع عشر لم يکن هناک تطوراً بفن الموسيقى فکانت فنون الموسيقى مرتکزة حول الأوبرا، بل
کان التأليف الأوبرالي في أغلب الأحيان بين يدي مؤلفين أجانب مثل روسيني Rossini
ومايربيير Meyerpierreوقد حاول بريليوز Berliozفي کتاباته الصحفية ومؤلفاته
الموسيقية إعادة التوازن الصحيح إلى الحضارة الموسيقية لبلاده فرنسا، إلا أنه لم ينجح في أول
الأمر في إثارة انتباه الکثير، ولم يدرک الموسيقيون الفرنسيون هذه المشکلة إلا في مرحلة
متأخرة، وبحلول عام ١٨٦٠إجتذب المؤلفون الفرنسيون بعض الاهتمام إلى مدرسة قومية
جديدة في الأوبرا الفرنسية، وأخيراً عندما تدلى نبوغ سان صانص C. Saint Saensوانضم
إلى هذه المدرسة بدأ الأمل يراود الفرنسيون بشيئ من الجدية بعد ظهور هذه المدرسة القومية
الفرنسية، وتجلت مبادئ هذه المدرسة بمزيد من الوضوح بعد الحرب الفرنسية البروسية عام
،١٨٧٠وأرادت هذه المدرسة أن تُخلص العالم من طغيان ألمانيا على الموسيقى العالمية ).(١
و تُعد أوبرا شمشون ودليلة " "Samson et Dalilaواحدة من أهم أعمال سان صانص، والتي
کان قد ألفها في البداية لتکون أوراتوريو Oratorioثم قام بتعديلها بعد ثلاث سنوات لتُصبح
أوبرا. کان أول عرض لها في ألمانيا في بلدة ڤايمار Weimarعام ١٨٧٧بواسطة المؤلف
الموسيقي ليست Lisztالذي کان من أشد المعجبين بسان صانص. إن المقطوعات الکورالية
في أوبرا شمشون ودليلة تکشف عن حقيقتها الأولى )الأوراتوريو(، ولکن ثراء التأليف
الأورکسترالي والآريات الساحرة التي تسلب اللب لدليلة Dalilaتجعلنا نکتشف أنها أوبرا
محضة ).