يهدف هذا البحث إلى إلقاء الضوء على مدينة الحلة کإحدى المدن العراقية التي أسهمت في الحياة العلمية وقامت بدور مهم فى تاريخ الحضارة ، أدى إلى اهتمام المؤرخين والجغرافيين بها، فکانت هناک أشارات عديدة بين بطون المصادر والمراجع التاريخية حول الأحداث السياسية والحضارية الا أن الحياة العلمية لهذه المدينة کانت أقل نصيبا من هذه الأشارات حتي وأن وجدت فانها لا تفي بالغرض إذا أنها لا تعطي للمدينة حقها ومکانتها العلمية على الرغم من أنها کانت من أهم المراکز العلمية والتعليمية المهمة فى العراق , وتخرج منها العديد من العلماء والفقهاء ورجال الدين والقضاه الذين تعلموا وعلموا وتخرج على أيديهم العديد من الشخصيات البارزة مما أضفى بالمدينة طابع الأصالة کموقع استراتيجي وجغرافي متعدد الموارد قام بدور کبير في تنشيط الحرکة العلمية والتي کانت الرکيزة الأساسية لظهور العديد من العلماء في شتى المجالات سواء العلوم العقلية أو العلوم النقلية والتي کانت أساساً لظهور مجالات علمية أخرى، إضافة إلى أن مدينة الحلة تتميز بموقع تجاري مهم لأنها تقع على طريق القوافل التجارية التي تربط العديد من العراق مثل البصرة والکوفة وواسط وبغداد وکربلاء، کما أنها تقع على طريق الحجاج القادمين من بغداد قاصدين الأراضي الحجازية.
وبعد المراجعة والبحث تبين أن الموضوع لم يطرق من قبل بصورة أکاديمية متخصصة إلا ما وجد شذرات في بطون المصادر والمراجع التاريخية التي تم الاستعانة بها وأن مجال الحياة العلمية من المجالات المهمة التي تکشف عن حقيقة تقدم کل أمة خلال فترات التاريخ الإسلامي.
لذا اعتمدت في کتابة البحث علي المنهج التاريخي الوصفي التحليلي حيث قمت بجمع الروايات والمعلومات التاريخية من بطون المصادر والمراجع بشکل موضوعي يخدم موضوع الدراسة.
لذا أفردت هذا البحث عن تطور الحياة العلمية في المدينة خلال النصف الأول القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي وقد قسمت البحث إلى ثلاث محاور على النحو التالي:
المحور الأول: أهمية موقع مدينة الحلة وتطرقت إلى خصائص موقع المدينة من الناحية الجغرافية وتعرضت لآراء المؤرخين في وصفهم للمدينة بأنها غنية بالموارد الاقتصادية و تربط مدن العراق من الناحية التجارية وتطورها الإداري، لذا نعمت الحلة بتطور حضاري على مر العصور.
المحور الثاني: تعرضت لعوامل ازدهار الحياة العلمية في مدينة الحلة وتشجيع الأمراء والحکام للحرکة الفکرية فيها، فنجد أنهم شيدوا العديد من مؤسسات العلم والثقافة وشجعوا مجالس العلم والأدب والثقافة.
أما المحور الثالث: قد تحدثت فيه عن مظاهر الحياة العلمية في مجال العلوم العقلية والنقلية خلال النصف الأول من القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي وأبرز علمائها.