إن قضايا الهوية والانتماء في مصر وما يتصل بها من تعصب وطائفية هي قضايا معقدة ومرکبة ومتشابکة يتداخل في تعيينها عوامل إنسانية وروحية ومادية، وبالتالي تصير أفکار الهوية والانتماء عند المصريين غير ثابتة، فالمصريون ينتمون لأرضهم وتاريخهم من منطلق التداخل التاريخي لهذه العوامل ومدى ما يحققه عامل منها من أسبقية على غيره من العوامل في حقبة زمية بعينها.
وبحسب ذلک، تتحدد إشکالية الدراسة الراهنة في محاولة البحث عن العوامل التي تساهم في تأجيج الطائفية بين عنصري الوطن، وذلک انطلاقًا من مفهوم الاعتراف، الأمر الذي يتطلب الکشف عن دوائر الانتماء لدى عينة الدراسة والموقع الذي تشغله الدائرة الوطنية بينها، وکذلک تبيان مستويات الانتماء والتعددية، فضلًا عن الکشف عن المعارف والمشاعر التي يحملها کل طرف تجاه الآخر، وأيضًا السلوکيات التي يتمثلها کل منهم في تعاطيه مع الآخر، وکذلک محاولة تبيان تأثير بعض المتغيرات الديموجرافية والاجتماعية (الديانة -المستوى التعليمي- محل الإقامة -الدخل – النوع -العمر) على مستويات الانتماء والتعددية، فضلًا عن المعارف والمشاعر والسلوکيات الأيجابية تجاه الآخر.
وتأسيسًا على ذلک، جاءت أهم العوامل التي تساهم في تأجيج الطائفية بين عنصري الوطن، على النحو التالي: العلاقات العاطفية غير الشرعية بين النوعين من الطرفين (المسيحيين والمسلمين)، الخلافات السياسية المبنية على التعصب الديني، بناء دور العبادة، الاختلافات العادية بين الطرفين في المجالات الاقتصادية والمعاملات اليومية الروتينية، الفروقات الطبقية، التدخلات الخارجية لزرع الفتنة والطائفية، والتوزيع الجغرافي ونشاط التيار الإسلاموي.