تهتم عملية التصميم العمراني بالإدراک البصرى للبيئة العمرانية، ولکن قليلا ما تهتم بتصميم العمران ليخلق مؤثرات حسية مريحة وممتعة لباقى الحواس، رغم أن ادراک العمران وتقييمه يتم بکل الحواس البشرية فى نفس الوقت. فمعظم المصممين لا يهتمون کثيرا بباقى الحواس، بل لا يعرف بعضهم کل الحواس البشرية، فقليل من يعرف أن الحواس البشرية تتجاوز الخمسة المعروفة وتناهز العشرين فى تقدير بعض علماء النفس، منها حاسة التوازن التى تؤثر على ادراک الانسان للتغير فى الحرکة وميول الأرض وهو ما يؤثر فى تصميم المسارات، وعادة ما تقام مدن الملاهى وألعاب الاطفال فى الفراغات بهدف اثارة حاسة التوازن. کما أن حاسة الوضع الداخلى تشعر المشاة بملمس الأرضية واستوائها من خلال تأثيرها على وضع عضلات ومفاصل القدمين والساقين، حيث لا يدرکون ذلک بحاسة اللمس إلا إن کانوا حفاة .
وعادة ما يحاول المصممون توفير الراحة الحرارية فى الفراغات، دون أن ينتبهوا إلى أنهم يتعاملون مع الحاسة الحرارية، التى لها مستقبلات خاصة بالجلد تختلف عن حاستى اللمس (أو حاسة الضغط على الجلد بتعبير أدق) والألم الکيميائى اللتان تشارکانها نفس العضو.
ويهدف البحث الى مساعدة المصمم العمرانى على تصميم بيئة عمرانية أکثر ملائمة للإنسان، ولفت نظره لکيفية تحقيق الاحتياجات الوظيفية والجمالية المدرکة بکل الحواس، بدلا من الاکتفاء بحاسة الإبصار فقط التى عادة ما يرکز عليها المصمم العمرانى ،سواءً فى الناحية الوظيفية مثل التعرف على المکان والحفاظ على السلامة أو فى النواحى الجمالية مثل اشباع الاحتياجات الحسية وتوفير المشاهد الممتعة أو تقليل التلوث الحسى، من خلال نقل بعض من المعارف عن الحواس البشرية من مجال علم النفس ووظائف الاعضاء الى مجال التصميم العمرانى وربطها بالعملية التصميمية، وصولا لبناء اطار نظري يوجه المصمم العمرانى للإجراءات العملية والتصميمية التى عليه اتخاذها حتى تکون البيئة العمرانية ملائمة للحواس البشرية، ولذوى الاحتياجات الخاصة وخاصة فاقدى أو ضعاف البصر.