تقوم هذه الدراسة على رصد التباين أو التماس بين عدد من المصطلحات الإشکالية المتقاطعة مع اليوتوبيا والديستوبيا بما فيها: الرواية السياسية، وأدب الخيال العلمي، وأدب الرعب.
تستعرض الدراسة نشأة وتطور مصطلح اليوتوبيا، کما تسوق دوافع إلصاقها بحلم التغيير. ترصد الدراسة کذلک بعض روايات الديستوبيا الأولى، مستشفة ملامحها، ومتتبعة نشأة مفهوم الديستوبيا. کما تحلل الدراسة دوافع تشکل الکتابة الروائية الاستشرافية لما بعد الثورة في حدود خيبات المأساة التي تتبناها روايات الديستوبيا، أو أمل تحقق مشروع الخلاص الذي تتبناه روايات اليوتوبيا.
تتقاطع بعض أشکال الکتابة الروائية في وصفها مع رواية اليوتوبيا أو الديستوبيا. لا ينطبق بالطبع التصنيف القاطع بانتماء الرواية إلى فکرة أو شکل أو اتجاه روائي بعينه؛ إذ إن أشکال التعبير الأدبي بصفة عامة تتسع لأن تکون بوتقة لکثير من القضايا والموضوعات والمعالجات.ترنو اليوتوبيا إلى الحد من المأساة بتصور الخلاص منها، لکنها في الوقت ذاته تجلعنا نتصور نقيضها؛ إذ قد تدفع مقاومة السلطات إلى انتکاسات. أعني قد تدفع الثورة والمقاومة إلى مزيد من إحکام دائرة القهر والسيطرة، أو لنقل قد تدفعنا المأساة إلى مزيد من المآسي. استشعر کثير من الکتاب هذه الفکرة التي تنطلق من المعطيات التاريخية والاجتماعية السيئة؛ والتي تؤدي حتمًا إلى سيادة ما هو أسوأ في ظل غياب مستقبلي لمجموعة من القيم والنظم العادلة.