تبحث هذه الدراسة في قضية إشکالية بطبيعتها، وهي قضية نشأة المسرح المصري، لاسيما المسرح الاستعراضي. إذ تبنى الدراسة على فرضية مفادها أن نشأة المسرح العربي عمومًا، والمصري خصوصًا، جاءت متأثرة بالتيارين الفکريين الأکثر جلاء في منتصف القرن التاسع عشر في مجالات الفکر والثقافة العربية عمومًا. والمقصود في هذا السياق هو تيارا الأصالة والمعاصرة بوصفهما تيارين فکريين مؤثرين بطبيعتهما على الإبداع العربي بمختلف تشکيلاته.
ž لقد أنتج هذا ما سمي في هذه الدراسة بديالکتيکية الوافد والموروث في المسرح الاستعراضي المصري؛ حيث تجلت البنى الشکلانية والمضمونية لنصوص تلک المسرحيات معتمدة في تشکيلها على تلک الديالکتيکية/ الجدلية بين الموروث العربي والوافد الغربي، وهو ما فرض على هذه الدراسة تحليل هذه المسرحيات بهدف الکشف عن تلک الديالکتيکية/الجدلية المتجلية بين المکونين التراثي والغربي، والفاعلين في تشکيل تلک النصوص من الناحيتين الجمالية والمضمونية. وبناء على ما سبق، فإن هذه النشأة المرکبة للمسرح الاستعراضي المصري، خاصة مسرح علي الکسار، قد فرضت على الباحث استخدامَ منهجية مرکبة تنطلق من تحليل جوانب هذه المسرحيات الاستعراضية من الناحية الشکلية والمضمونية من جانب، وإعمال مفهوم الديالکتيکية المعتمد في هذه الدراسة من جانب ثان.