الى جانب الدول المستقلة، فقد إنقسم المشرق الاسلامي في فترة زمن الدراسة الى کتلتين سياسيتين رئيسيتين هما الدولة العباسية السنية في العراق والدولة الفاطمية العبيدية الشيعية الأسماعيلية المذهب في مصر. ولقد سعى کل من الطرفين أن يبسط نفوذه وسيطرته على ما أمکن من العالم الإسلامي وبخاصة بلاد الحجاز وتحديداً على کل من مکة والمدينة لما لهما من مکانة وثقل في نفوس المسلمين بمختلف مشاربهم المذهبية. هذا التنافس إنعکس على تأرجح السياده عليهما في ظل حقيقة هامة لعبت دوراً في هذا الشأن وهو فقر الموارد الطبيعية لبلاد الحجاز وإعتمادها منذ زمن الفتوحات الأولى على ما يأتيها من موؤن ومساعدات سواء من مصر أو بلاد العراق. لذلک نجد أن موقف وولاء أهل الحرمين تأرجح في کثير من الأحيان بين الدولتين بناءً على ما يقدمة کل طرف لهم من أموال ومساعدات.ولکن مع ضعف الدولة العباسية في تلک الفترة وسيطرة البويهيين على الخلفاء العباسيين مال هذا التأرجح في کثير من الأوقات لصالح الدولة الفاطمية، التي سارعت لتدعيم مکانتها الدينية وموقفها وبسط کلمتها على أسر الأشراف الحاکمة في کل من مکة والمدينة. ولکن ذلک لم يمنع من أن تقوم حرکات معارضة ضد الهيمنة الفاطمية سواء کانت على أساس سياسي أو ديني مذهبي أو حتى إقتصادي.