تتناول هذه الدراسة أنماط المکان في رواية (سيدات الحواس الخمس) للروائي الأردني جلال برجس، مستندة في ذلک على معطيات آليات الخطاب السردي المعاصر؛ ومفيدة من معطيات المنهجين النفسي والاجتماعي؛ لکي توضح رؤية الرواية النصِّية، والمکان وأنماطه في النقد الأدبي، وتبيّن أنماط المکان في الرواية، مثل المکان الأصل، والمکان الآني أو العرضي، والمکان المرکزي، وأنماط المکان المفارقة، مثل المکان الواقعي والمتخيل، والمکان المفتوح و المغلق - الأليف والعدواني-؛ وتحديد هذه الأمکنة وتحصرها، ومعرفة موقعها السردي في علاقاتها مع الشخصيات والزمان في دفع عجلة السرد، وتغليفه بإشارات دلالية ورموز متعددة.
وخلصت الدراسة إلى جملة من النتائج، أهمها أن الرواية تميّزت بعمق رؤيتها النصّة، وأن للمکان أهميته في النقد الأدبي؛ إذ يعدّ من أهم الجوانب التي يقوم عليه الحکي، حيث يعطي للأحداث سمتها الواقعي القريب من الأفهام، ويترک ظلاله على الشخصيات، فالشخصية تتأقلم مع المکان، فتؤثر فيه ويؤثر فيها. وبيّن التحليل فرداة الساردة في توظيف أنماط المکان وتنوعها، فکانت الأماکن مقصودة لذاتها وتحمل فلسفات معينة، إذ استطاع الروائي توظيف هذه الأماکن بما لها من رموز واقعية في أذهان الناس في اختصار الشرح المعبر عن ثقافة الشخصيات، مثل: البيلفارد، والغاليري، وهي أماکن ارتبطت بالطبقة الغنية والمثقفة، کما أن لهذه الأمکنة تأثيرها المباشر على شخصيات الرواية مما أزّم السرد وزاد من تعقيده، وأجج الصراع نحو العقدة ثم الحل.