لقد فاض مداد الدارسين للنحو العربي التراثي تنظيرًا وتطبيقًا فيما يتعلق بقضايا تيسير النحو وتجديده بشکل يلائم ظروف العصر الذي کادت العامية فيه تحتل الصدارة متلاشية فصحاها، وبشکل يلائم طبيعة المتلقين النافرين من وعورة هذا النحو بسبب الإعراب الذي يمثل هوة حقيقية بينه وبين المتلقي. وقد اختلفت طرائق الميسرين والمجددين للنحو العربي بين قابلٍ کلَّ آراء النحاة وانتقاء ما يتسق وحاجة العصر، وبين رافضٍ ما شذ وندر والأخذ بما هو شائع وغالب من القواعد دون الالتفات إلى ما خرج عليها، وبين هذا وذاک تلتقي الجدة والإخلاص في السعي وراء السبل الممکنة لحل مشکلة النحو أو مشکلة الإعراب
تتطلع هذه الدراسة إلى الکشف عن ملامح الدرس التجديدي للنحو العربي التراثي عند سليمان العطار، بوصفه واحدًا من أعلام المعاصرين المجددين للنحو العربي التراثي في طليعة القرن الحادي والعشرين؛ بغية الوقوف عند أبرز ملامح فکره التجديدي من خلال محاولة قراءة تأملاته التي خطها منذ بضع سنوات في مجلة کلية الآداب في حدود أربعين صفحة، تبدو قليلة من حيث إظهار الفکرة عنده، لکنها تحمل عمقًا واستغراقًا فکريًّا بحاجة إلى استجلائه کي يأخذ مکانه في خط سير الأعمال التجديدية للتراث النحوي، بما يجعله يمثل مدرسة خاصة، تختلف بشکل ما عن المدارس التجديدية في العصر الحديث.