تظلّ الدلالة اللسانية حاکمةً لسيرورات التفکير عند بني الإنسان؛ فلم تتشکل المفاهيم الذهنية العامة، ولا الأُطر الثقافية، إلا من خلال بناء المعجم داخل العقل البشري، ولم تکن لبنات الدال والمدلول والرمز والعلامة والعلاقات بين الموجودات...إلخ، إلا مفاتيح تواصلية، استطاع الإنسان من خلالها بناء جهازه المعرفيّ الشامل، ثم أخذ في إنشاء حلقات التواصل المختلفة داخل جماعته الصغيرة، انطلاقًا نحو المجتمع الإنسانيّ الکبير. وهذه الدراسة تحاول أنْ تقف عند أبرز مسائل هذه الدلالة اللسانية بالفحص والتحليل، بداية من العلاقات المعجمية، ثم من خلال الربط مع عمليات البناء الذهني والتواصل الثقافي، مراوحة بين الدرسين: العربي التراثي، والغربي الحديث، لأجل الخروج ببعض نتائج النظر المعاصر فيما يخص هذه المسائل المختارة. ومن خلال اختبار الفروض والمقدمات، تحاول الدراسة فهم التأثير المتبادل بين اللغة والذهن والثقافة بصورة عامة، وإمکانات هذه العلاقة في تطوير فهم لغة الإنسان، بما يسمح بمزيد تطوير استراتيجيات تعلّمية اللغة، وبناء الأطالس المُصورة، وإرساء قواعد بيداجوجية وديداکتية مُطورة تسهم في تحسين الصناعة المعجمية وآليات تعليم مختلف الألسن.