تجادل الدراسات الحديثة بأن الأزمات الکبرى تترک آثارا طويلة الأمد تتجاوز الخسائر الديموغرافية. فهي تؤثرعلى الحياة الاجتماعية و تمثل جزءا هاما في التغير الاجتماعي والتطور التاريخي. کما تمثل الأزمات إختبارا فريدا في فرضية العلاقة بين الثقة وسياسات الدولة . تهدف الورقة إلى سبر الأبعاد السيسيو-سياسية لإستجابة الدول لجائحة COVID-19 من وجهة نظر رأس المال الاجتماعي و تحليل العلاقة بين الثقة و بروتوکول الدولة في تعاملها مع الجائحة. بحسب أدبيات الثقة تتسم هذه العلاقة بالتبادلية الدائرية، فکماتتأثر الثقة المجتمعية بسياسات الدولة في الاستجابة للجائحات، تتأثر سياسات الدولة بالثقة. اعتمدت الورقة على منهجية المقاربة بين جائحتي الإنفلونزا الإسبانية و COVID-19 و استندت في ذلک إلى ثنائية "القطع والوصل" باعتبارها الأداة الأکثر ملائمة لتتبع تأثير الجائحة على القرارات الأقليمية و الدولية و کشف المفارقات التي تفرز التغير في مستوى الثقة المؤسساتية. في هذا الإطار، يبدو أن تاريخ الجائحات و مضمون المواد الاعلامية و الخطابات السياسية يمکن أن تقدم تفسيرات جزئية لتحليل المعطيات الاجتماعية و السياسية . أظهرت النتائج أن الجائحة أحدثت تحولًا حادًا في أولويات الأفراد والدول بعد أن شهد العالم تداعيات الأزمة من عدم المساواة وانعدام العدالة الاجتماعية وانعدام الکفاءة وقصور بعض الدول و المنظمات الدولية في إدارة الأزمات الصحية والتعامل معها بنزعة سياسية براغماتية. علاوة على ذلک ، يُنظر إلى الثقة بين الدولة والمحکومين على أنها ضرورية لتسهيل الحکم الرشيد أثناء الأوبئة على المستويين المحلي والدولي. توصي الدراسة، بما أنه من الصعب التنبؤ بالأوبئة في المستقبل ، فإن استراتيجية التأهب والتبصر التکنولوجي، إلى جانب إعادة بناء الثقة الاجتماعية والسياسية ، مطلوبة لتوفير الأدوات اللازمة لتطوير سياسة فعالة للتغلب على الأزمات المستقبلية.