حتمت الأوضاع السياسية والموقع الاستراتيجي للجمهورية العربية المتحدة "ج.ع.م" ومالطة في البحر المتوسط، بتقاربهما السياسي بين عامي 1964- 1971، وقد بدأ ذلک التقارب حتى قبل إعلان استقلال مالطة عام 1964؛ حيث بدأت مراسلات متبادلة بين الجانبين حول إقامة العلاقات الدبلوماسية، کما اعترفت "ج.ع.م" باستقلال مالطة منذ اليوم الأول لاستقلالها، وبدى تمسک حکومتي الدولتين في التبادل الدبلوماسي عام 1965؛ على الرغم من أن مالطة کانت في دائرة النفوذ البريطاني -طبقا لمعاهدة الدفاع المتبادلة الموقعة عام 1964- کما أن "ج.ع.م" کانت قد قطعت علاقاتها مع بريطانيا في العام نفسه.
ومما لا شک فيه أن العلاقات السياسية بين الجانبين قد تأثرت بشکل مباشر بنتائج حرب عام 1967، حيث أعلنت مالطة التزامها الحياد لعلاقاتها الطيبة بين طرفي الحرب، کما اهتمت بإبلاغ حکومة "ج.ع.م" بمبررات حيادها، ومن جانبها؛ اعتبرت حکومة "ج.ع.م" التزام مالطة للحياد في حد ذاته دليلا على تمسک مالطة بعلاقات طيبة معها.
کما أن رئيس الوزراء المالطي "جورج بورج أوليفير George Borg Olivier"، المعروف بميوله الغربية آنذاک، حاول المساهمة في مقترحات للسلام بين "ج.ع.م" وإسرائيل دون جدوى، کما ساهم التغير السياسي في مالطة بنجاح حکومة حزب العمال المالطي بزعامة "دوم منتوف Dom Mintoff" عام 1971؛ في الوصول إلى ذروة التقارب السياسي بين الجانبين.
وتستخدم هذه الدراسة مصادر مختلفة لتوضيح جوانب العلاقات السياسية بين "ج.ع.م" ومالطة، وتشمل تلک المصادر؛ وثائق وأرشيفات صحف مصرية ومالطية وبريطانية وأمريکية وإسرائيلية إلى جانب وثائق الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مصادر ثانوية أخرى کان لابد من استخدامها لتسليط الضوء على تلک الفترة.