تهدف هذه الدراسة إلى معالجة موضوع على جانب کبير من الأهمية في مجال الدراسات السياسية والإدارية في العصور الوسطى الأوروبية، فبعد جهد کبير بذلته قبيلة الفرنجة في المحافظة على کيانها السياسي والإداري في الغرب الأوروبي، جاء الدور على الدولة الکارولنجية وزعيمها شارلمان، لاستمرارية المحافظة على وحدة الدولة وتماسکها، فبعد عناء وجهد کبير من شارلمان خلال حروبه وتوسعاته أراد أن يمسک بزمام تلک الإمبراطورية الشاسعة، فطور من نظام المبعوث الملکي، وأکسبه صفة المؤسسية، وقام بإرساله إلى معظم أقاليم الإمبراطورية کي يحقق ويضمن تطبيق أوامره ونواهيه، فکان هذا المبعوث بمثابة نائب الملک في أقاليم الإمبراطورية، وتمتع بصلاحيات کبيرة تفوق صلاحيات حکام الأقاليم. وبهذه الآلية ضمن شارلمان إحکام قبضته على أجزاء الإمبراطورية المتناثرة. ولکن مع تطور الأوضاع السياسية والاجتماعية التي واکبت تطور النظام الإقطاعي في الغرب الأوروبي، ومع الضعف الذي أصاب خلفاء شارلمان، وکثرة الحروب الأهلية والنزاعات المحلية کان ذلک له تأثير کبير على نظام المبعوث الملکي، أدى في نهاية المطاف إلى ضعفه ومن ثم زواله.