يناقش هذا البحث قضية مهمة من قضايا التاريخ الاجتماعي في بلاد السودان الغربي خلال العصر الإسلامي، وهي قضية دور الرقيق في المجتمع، ويرکز بنحوٍ خاص على دور الرقيق في رحلات حج ملوک السودان الغربي.
والسودان الغربي (غربي أفريقيا حاليًا) مصطلح أطلقه الجغرافيون العرب على المنطقة التي تقع جنوب الصحراء الکبرى والممتدة بين المحيط الأطلنطي غربًا وبحيرة کوري (بحيرة تشاد) شرقًا. وتمثل هذه المنطقة المجال الموازي لبلاد المغرب وتفصل بينهما الصحراء الکبرى. وقد قامت في بلاد السودان الغربي ثلاث ممالک شهيرة ورثت بعضها البعض في الشهرة والسلطة وسعة النفوذ، هي ممالک: غَانَة، ومَالِي، وصُنْغِي.
وتکمن أهمية هذا الموضوع في أنه بالرغم من اصطحاب ملوک السودان الغربي لأعداد غفيرة من الرقيق رجالاً ونساءً، جاء الحديث عن تلک الشريحة ودورها خلال رحلة الحج مقتضبًا وفي إشارات نادرة؛ ويمکن تفسير هذا بأن اهتمام مؤرخي السودان الغربي ترکز على الأخبار المتعلقة بأسباب قيام الملوک السودانيين برحلات الحج، وخط سير هذه الرحلات، والتأکيد على کثرة أعداد رکاب الحج الملکية السودانية والمفاخرة بهذا، وسيرة الملوک ونهجهم خلال هذه الرحلات، لا سيما النفقات الباهظة التي تبارى أولئک المؤرخون في تقديرها.