الملخص
کان هدف هذه الدراسة تتبع التغيرات (ديناميکية) التي تحدث للنيتروجين (N) والفسفور (P) والبوتاسيوم (K) خلال مرحلة التحلل المبکرة لنوعيتين (Q1 و Q2) من الأوراق الإبرية البنية المتساقطة (Brown needle litter) لأشجار الصنوبر الحلبي (Pinus halepensis Mill) النامي في منطقة الجبل الأخضر– ليبيا، و لتحقيق هذا الهدف تمّ إتباع تقنية الأکياسLitter bag technique) ) ذات فتحات (1ملم) ووضع فيها وزنة من الأوراق الإبرية البنية ويتم تحضينها داخل الغابة ويتم جمع عدد من هذه الأکياس بعد فترات زمنية حيث حضنت في ثلاث مواقع ترتفع عن مستوى سطح البحر بمقدار 800 م (غابة سيدي الحمري) ، 600 م (غابة عين الحفرة) و 400 م (المصحة "المنصورة") وبدأت التجربة في فصل الخريف واستمرت إلى فصل الربيع حيث تم الترکيز على المرحلة المبکرة من عملية التحلل حيث تم تجميع أکياس لمدة 20 أسبوعا تقريبا، وجففت العينات وقدر فيها ترکيزات النيتروجين N والفسفور P والبوتاسيوم K (مجم/جم). أوضحت النتائج أن ترکيز النيتروجين (N) في النوعين:Q1 (النوعية ذات المحتوي 3.7 من النيتروجين و 0.53 من الفسفور و 1.7 من البوتاسيوم مجم/جم ) و Q2 (النوعية ذات المحتوي 4.2 من النيتروجين و 0.28 من الفسفور و 3.1 من البوتاسيوم مجم/جم ) تقريبا کانت بزيادة تقدر بـ 20- 40% من الترکيز الأولي على التوالي، وبفقد يقدر بـ 20% تقريبا وهذا راجع إلى المناخ الدقيق وتأثيرها على النشاط الميکروبي وخواص الموقع. ولکن في فترة 4 أسبوعا سجلت نسبة أقل ترکيز وهي 90% تقريبا أي بفقد 10% وذلک بسبب حدوث عملية الغسيل في الأسبوعين الأولين من التحضين. أما بالنسبة لترکيز الفسفور في النوعية Q1 کان أعلى ترکيز في الموقع م600 تقريبا 180% بعد 20 أسبوعا، وأقل ترکيز في الموقع م800 تقريبا 70%، أما بالنسبة للعينة Q2 کان أعلى ترکيز في الموقع م400 بعد 2 أسبوعا تقريبا 165% أي بزيادة تقدر تقريبا 70% . أما بالنسبة لترکيز البوتاسيوم في العينتين Q1 و Q2 کان هناک فقد في المواقع الثلاث على التوالي، لوحظ من خلال المواقع م400 و م600 کان هناک انخفاض يقدر بحوالي10% بعد 2 أسبوعا مقارنة م800 حيث کان الانخفاض يقدر بحوالي 50% وهذا راجع لخصائص الموقع وعملية الغسيل، وکذلک هناک ارتفاع في ترکيز البوتاسيوم في العينة Q2 في موقع م400 حوالي 90% بعد 20 أسبوعا مقارنة بالترکيز بعد 2 أسبوعا من التجربة في نفس الموقع، وهذا على العکس بالنسبة للموقع م800 و م600 .ويمکن أن يرجح السبب للعوامل المناخية وکذلک عملية الغسيل، حيث لوحظ أن أکبر فقد کان في العينة Q1 على مدي فترة التجربة .ولقد أخذت هذه النتائج نفس الاتجاه في دراسات أخري. ولقد کانت نتائج هذه الدراسة في اتجاه دراسات سابقة وأکدت على تلک الدراسات فقد لوحظ في الأيام الاولى من عملية التحلل حدوث عملية غسيل (Leaching) للمغذيات الکبري N و P وK المقدرة في هذا البحث وتبعها مرحلة تراکم ((Accumulation، وان الترکيزات الأولية (Initial concentrations) لهذه المغذيات اثر في کمية الترکيزات المفقودة والمتراکمة في مخلفات الصنوبر الحلبي، وان خصوبة الموقع أثرت أيضا في نوعية الأوراق الإبرية البنية المتساقطة وان استجابتها للتحلل اختلف باختلاف الموقع الذي تم فيه التحضين. وتبين أيضا ان هذه البقايا تعتبر مخزنا مهما للنيتروجين والفسفور والبوتاسيوم وانه يتم تدويرها بکفاءة لصالح أشجار الصنوبر والمجتمع الحي في الاراضي الداعمة لهذه الأشجار ما يجعلنا نوصي وبشدة بعدم العبث بهذه الطبقة من الأوراق الابرية البنية التي تتساقط وتتراکم سنويا بما تحتويه من مغذيات کبرى وصغرى على أرضية هذه الغابات الواعدة، اضافة إلى تأثيرات هذه المخلفات العضوية على خصائص الاراضي الفيزيائية والکيميائية والحيوية.
89 Egypt. J. of Appl. Sci., 34 (11) 2019
المقدمــــة
من المعروف أن الصنوبر الحلبي Pinups halepensis Mill هي أشجار دائمة الخضرة تنمو طبيعيا في المنطقة الشمالية الشرقية في الجبل الأخضر وقد أدخلت في حملات التشجير کمصدات رياح في العديد من مناطق الجبل الأخضر، وتعتبر الآن جزءا مهما من الغطاء النباتي (( Selkhozprom Export, 1980 UNESCO-FAO, 1963; Houérou, 1984; Le ، والتي تدعم أشکالا من الغطاء النباتي، فمناخ البحر المتوسط يتميز بشتاء رطب و بارد وفترة صيف حارة جافة وان التغير في ظروف الحرارة والرطوبة له أهمية في النشاط الحيوي تحت مثل هذه الظروف (Howard and
Egypt. J. of Appl. Sci., 34 (11) 2019 90
Howard, 1974; Quézel, 1977). ، وتلک التغيرات تؤثر على العديد من العمليات الکيموحيوية في النظم البيئية فنمو النبات وامتصاص المغذيات وعملية تدوير المغذي نتوقع أنها تکون نشطة في فصل الخريف وفصل الربيـع في مناخ البحر المتوسـط حيث تکون الارض رطبة ودافئـة Virzo De Santo et al., 1993; Faituri, 2002 Breg et al., 1995))، حيث ان الفصل في الحرارة الدافئة وظروف الرطوبة يمکن أن يؤثر أيضا ويحد من معدلات تحلل البقايا النباتية ويطيل من مدة الاحتفاظ بالمغذيات الأساسية للنبات في البقايا المتساقطة ويقلل انطلاق ثاني أکسيد الکربون ويمکن أن يخفّض إنتاجية النظام البيئي Ecosystem، وهذا التأثير يمکن أن يکون أکثر شدة في الأنظمة البيئية التي تکون المخلفات المتساقطة فقيرة وتحتوى على ترکيزات مرتفعة من المواد المقاومة للتحلل (بسبب طبيعتها الوراثية) مثال على ذلک غابات الصنوبر Pine Forest Systems، إن نوعية البقايا المتساقطة من هذه الغابات يمکن أن تنخفض أثناء نمو وتطور الغابة Berg and Laskowski, 2006; Virzo De Santo et al., 1993;))، وان هذه العملية اقترحت کتوضيح وتفسير ممکن لانخفاض معدلات التحلل في مثل هذه الغابات بشکل عام، وکذلک بطء انطلاق وتدوير المغذيات (Fogel and Cromack, 1977; Lousier and Parkinson 1978; Hart and Fireston 1992; Gallardo et al., 1995; Berg, 2000; Berg and McClaugherty, 2003). ان هذا قد يکون ايجابيا من حجز الکربون لفترة أطول من ان ينطلق إلى الغلاف الجوي وما يصاحبه من تفاقم مشکلة الاحتباس الحراري (Global warming)، و لکن هذا يترتب عليه احتجاز المغذيات أيضا و التي تحتاجها أحياء الاراضي .(Berg et al., 2014; Berg and McLaugherty, 2003) إن وجود المادة العضوية في ترب المناطق الجافة يکون بکميات قليلة وهذا مشابه لوضع الماء في مثل هذه المناطق، فتکون خصوبتها منخفضة، إضافة إلى بطء معدل تحلل بقايا النباتات لعدم نشاط الکائنات الحية الدقيقة، کما ان قلة الماء تخفض من معدلات عملية الغسيل ومن ثم فانه لا يتم فقد المواد العضوية من قطاع الاراضي ولو تم نقل لهذه المواد فسيکون محصورا في المواد القابلة للذوبان في الماء، وبالرغم من ذلک فان للمادة العضوية وظيفة أساسية في الأنظمة البيئية (Swift et al., 1979; Aber and Melillo, 2001; Berg and McClaugherty, 2003; Cadish and Giller 1997) فمحتوى الاراضي من المادة العضوية يؤثر في قدرتها على التزويد بالمغذيات (Mengel and Kirkby, 1982) وتخزين الماء وتخزين الکربون والطاقة اللازمة لنمو الکائنات المحللة (Decomposers) ومن ثمّ المساهمة في خفض انطلاق بعض الغازات ذات العلاقة بالاحتباس الحراري مثل ثاني أکسيد الکربون (Aber and Melillo, 2001)، إضافة لدورها في حماية الاراضي من التدهور وزيادة الإنتاجية، ويعتبر الغطاء النباتي (Vegetation) و ما ينتج عنه من مخلفات سواء کانت أجزاء نباتية متساقطة أو بقايا نباتات ميتة مصدرا هاما ورئيسا لتزويد الاراضي بالمادة العضوية (Paul 1984;Waring and Schlesinger 1985;الکسندر مارتن ، 1982)، فعملية تحلل (Degradation) هذه البقايا والمخلفات تعتبر مفتاح في عملية انطلاق الکربون والطاقة والمغذيات في مختلف الأنظمة البيئية (Schlesinger and Andrews, 2000; Schlesinger, 1977; Reichle et al., 1973; Berg et al, 2014) وعملية التدوير أو الدورة العناصر الطبيعية (Nutrient Cycle) والتي تصاحب عملية التحلل هي أيضا من بين الوظائف والعمليات التي لها دور جوهري في تنظيم أنشطة ونمو أنظمة الغابات (Melillo et al., 1989; McClaugherty et al., 1985; Odum, 1969) ، فدراسة هذه العملية في نظم الغابات توضح ديناميکية هذه الأنظمة والتي تشمل الاحتياجات الغذائية و معدلات تحولات المغذيات وفقدها بفعل عملية الغسيل وإضافتها من خلال عملية التجوية وعملية التثبيت من الغلاف الجوي،Aber and Milello, 2001, Berg and Tamm, 1994; Berg and Staaf, 1981) ). حيث ان عملية التحلل هي نتيجة لتداخل عمليات فيزيائية وکيموحيوية تحدث خارج وداخل الکائنات القائمة بعملية التحلل کعمليات تکسير(Fragmentation) البقايا النباتية بفعل نشاط بعض حيوانات الاراضي (Soil Fauna) أو تحلل بعض المرکبات بفعل بعض الأنزيمات Exoenzymes التى تفرزها بعض الأحياء الدقيقة، فهذه العملية تبدأ بغسيل (Leaching Stage) المواد القابلة للذوبان في الماء (Nykvist, 1963; Staaf and Berg, 1982; Ibrahima et al., 1995) (water-solubles) و باستمرار عملية التحلل يحدث تراکم للمرکبات الأکثر مقاومة للتحلل و التي تشتمل أساسا على اللجنين .(Lignin)، .(Johansson, 1986; Laskowski et al, 1995 a & b) بالإضافة إلى مواد أخرى والتي تختلف في ترکيبها عن اللجنين أو ما يعرف حاليا بالبقايا غير القابلة للتحلل المائي Residues (NHR) Non- hydrolysable أي إنها لا تذوب خلال عملية الهضم بالحمض(Faituri, 2002; Stevenson, 1994; Berg, 2000;.Berg and Cortina, 1995; Berg et al. 1982) ومع ذلک توجد قياسات قليلة لمعدلات تحلل مخلفات هذه الغابات تحت ظروف مناخ البحر المتوسط ويبدو أن هذا الأمر لم يتم التطّرق إليه في الجزء الجنوبي من حوض البحر الأبيض المتوسط رغم توافر دراسات کثيرة في مناطق أخرى. لذا فان هده الدراسة کان بهدف تتبع التغيرات (ديناميکية) في ترکيزات النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم خلال عملية تحلل الأوراق البنية للصنوبر الحلبي النامي في منطقة الجبل الأخضر (مناخ البحر المتوسط)- ليبيا.