الواقع أن الإخفاق الديمقراطي يؤدي آلياً إلي انتعاش الفساد وازدهاره ، وليس الفساد مقصوراً علي ما يلحق المال العام من تخريب واتلاف وتبديد ، ولکنه يعمل في الوقت نفسه علي إندثار مصفوفة طويلة من القيم والمثاليات؛ قيم الانجاز والعمل والطموح والولاء للوطن وللمؤسسة وليس للشخص ، ويشير کولن ليز إلي أن من أسباب الفساد في المجتمعات النامية ضعف فکرة المصلحة القومية والعامة وتقديس المصالح الخاصة ، وتدني مستوي معيشة الموظف بما يتيح له الحصول علي مزايا کثيرة عن طريق الرشوة وتواضع العقاب ، فالفساد مرتبط باللامساواة ، وعدم مقاومة انتهاک القوانين وعدم تنفيذها وغيرها من مظاهرالفساد .

     وتشير عدة تقارير محلية وحکومية ودولية إلى إنتشار الفساد فى کل نواحى الدولة المصرية ومؤسساتها وهو فى تزايد مستمر حتى بعد الثورة ويتضح ذلک من تقارير ومؤشرات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية والتى تتراجع فيها ترتيب مصر فى کل عام عن العام السابق  حيث کانت تحتل المرتبة (77) عام 2004 م والمرتبة (70) عامى 2005 و2006م  والمرتبة (105) عام 2007 م ثم احتلت الترتيب (112) عام 2010م  ثم إلى(118) عام 2011م  مما يظهر أن الفساد زاد بعد الثورة فى إشارة لخطورة الأوضاع في مصر  ، وأيضاً يوجد (51) ألف قضية فساد فى المؤسسات الحکومية حققت فيها النيابة الإدارية خلال عام  2012 م  ، وبلغت حالات التعدى على أراضى الدولة ( 172625) حالة تعد على أراضى الدولة تسببت فى ضياع (214) مليار جنيه . کما أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي في حديثة التليفزيوني الشهري في12مايو 2015م إلي ظاهرة الفساد بأن " من أبرز التحديات التي تواجهها مصر وعلي رأسها الإرهاب والفساد المستشري علي مدار عقود والبيروقراطية المتفشية في الجهاز الإداري للدولة ، وتتم مواجهة الفساد من خلال المواجهة الأمنية والملاحقة القضائية واطلاق حزمه من التشريعات والاتجاه إلي التکنولوجيا الحديثة "  وعندما تصدر الإستراتيجية الوطنية عن أعلى سلطة في الدولة فإن ذلک يعبر عن الإرادة السياسية للدولة في التصدي للفساد بشکل جدي وعلني وعبر مختلف الأجهزة الحکومية وأجهزة الضبط المختصة والوسائل الإعلامية المختلفة ومؤسسات البحث العلمي ، فالإستراتيجية  الوطنية ترسم الأهداف العامة بعيدة المدى للدولة فيما يتعلق بمکافحة الفساد .  
    وتعتبرالمواقع الإخبارية الالکترونية أحد تقنيات الاتصال الالکتروني ، والتي اتسمت بعناصر الفورية والتحديث والتفاعلية ، وتعدد الوسائط  وتقنيات الإتصال الحديثة، والتوجة المتعدد، والترکيزالشخصي ، وغيرها من " الإمکانات التي تضعها في ترتيب متقدم لمصادر المعلومات الإلکترونية عبر شبکة الإنترنت  خاصة في أوقات الأحداث الهامة التي مرت بها مصر بعد الثورة ، وهناک تفوقاً ملحوظاً لنسب تعرض الجمهور لاستخدام شبکة الانترنت مقابل تعرضهم للصحافة المطبوعة ، وتتقدم وسائل الإعلام الجديدة علي الوسائل التقليدية في الثقة و المصداقية في معالجة قضايا الفساد وهو ما يؤکد الدور الذي لعبته وسائل الإعلام الجديدة  في فضح الفساد وتعرية الفاسدين  وتوعية الناس بحقوقهم  من خلال ما تم نشره وبثه عبر شبکات التواصل الإجتماعي والمواقع الإخبارية "  ، وفي ضوء هذه السمات ،  تتحدد المشکلة البحثية وتسعي الدراسة الحالية للتعرف علي تأثير العلاقة بين تعرض أخصائي الإعلام التربوي للمواقع الإخبارية الإلکترونية ومستوي معرفتهم بالإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد في مصر ، وتقديم رؤية أخصائي الإعلام التربوي بشأن الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد ومقترحاتهم فيما يتعلق بتطوير المواقع الإخبارية الالکترونية.