انطلاقا من نتائج البحوث والدراسات السابقة التي تعرضت للسرد وتطورها بصورة متدرجة، وجد الباحث قلة في بحوث الکتابة الصحفية التي طبقت على المواقع الصحفية کوسيط اتصالي، وکذا قلة الدراسات التي رکزت على أسلوب السرد في الکتابة الصحفية والذي يقترب أکثر من الکتابة الأدبية ضمن ما يعرف بتيار الصحافة الجديدةNew Journalism حيث ظهر هذا النمط من الکتابة بالولايات المتحدة الأمريکية في فترة الستينيات من القرن الماضي والذي يعرف بالکتابة الصحفية الأدبية Literary Journalism ويطلق عليها أيضا مسمى الصحافة السردية Narrative Journalism أو الحکي السردي Narrative Story Telling ؛ باعتباره تجليا لعناصر سردية يساعد على عرض الأحداث وتفسيرها في إطار أکثر شمولا يحتاج مزيد من البحث والدراسة
وکما أکد الباحثون في علم الاجتماع والإعلام أن المواد الإخبارية يتم تشکيلها وبناؤها اجتماعيا، فما تقوم به تلک المواد قد لا يعد انعکاسا للأهمية أو القيمة الذاتية للحدث، وإنما تخضع عملية صياغة تلک المواد لسلسلة من المعايير والعمليات المعقدة من أهمها:(الاختيار، التشفير، والاعتماد على أسلوب الحکي والسرد بالطريقة التي تتناسب وطبيعة المعلومات)؛ لکي تُقدم للقارئ بصورة تؤکد أفکارا وتصورات محددة
ويرى الباحث أن دراسات السرد في مجال الإعلام بصفة عامة ودراسات التحرير بشکل خاص قد أکدت على أهمية التجديد في الصياغات التحريرية، فالصحافة في حاجة لأسلوب جديد يجعل أداءها أفضل من خلال حکي القصص بشکل يشرح الأحداث ويفسرها بما يجعلها أکثر وضوحا، ولذا تعد دراسة السرد الإخباري وآلياته من الجوانب التي تحتاج لمزيد من البحث والتعمق ومن هنا کانت الحاجة إلى دراسة آليات السرد ورصد کيفية استخدامها بالمواد الإخبارية بالمواقع الصحفية الإلکترونية، ومدى توظيفها في تقديم قضايا الإرهاب على نحو يکشف عن الملامح المشترکة التي تتمتع بثبات نسبي لتلک الآليات وما يمکن اعتباره سردا خاصا بتلک النصوص، وذلک من خلال تطبيق مدخل تحليلي مغاير لرسائل الاتصال وهو "التحليل السردي".
وانطلاقا من ذلک استطاع الباحث بلورة المشکلة البحثية التي تکمن في محاولة استخلاص وتحديد النسق العلمي العام المفسر لآليات السرد الإخباري بالمواقع الصحفية الإلکترونية عينة الدراسة فيما يتعلق بحادث تفجير مبني الأمن الوطني بشبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، حيث أن تلک المواقع تمثل التيارات الصحفية المتنوعة في مصر ما بين قومية وحزبية وخاصة، بما سيهم في فهم کيفية اعتمادها على آليات السرد کنمط مستحدث للکتابة الصحفية في تقديم قضايا الإرهاب وذلک في ضوء نظرية السرد، وذلک من خلال إجراء دراسة تحليلية کمية وکيفية مقارنة لثلاثة مواقع تتمثل في: (الأهرام والشروق والفتح) کعينة ممثلة للمواقع الصحفية الإلکترونية.