تدل مراجعة التراث العلمي والأدبي الخاص بتجديد الخطاب الديني الي وجود جدل واسع بل أزمة تواجه الخطاب الديني المعاصر وعلي کافة الصعد ، وقد أدي ذلک الي تزايد المطالب والدعوات إلي ضرورة مراجعة مضمون هذا الخطاب وتجديده ليصبح أکثر موائمة مع التطورات والمتغيرات المتلاحقة ، نتيجة للثورة التکنولوجية في مجالي الاتصالات والمعلومات والانتشار السريع والواسع للقنوات التليفزيونية الفضائية التي بدأت تقوم بدور مهم في القضايا التي تواجه العالم العربي ، وفي مقدمتها قضية الخطاب الديني ، لما تشکله من أهمية في حياة المجتمعات العربية ولما تملکه الفضائيات العربية من خصائص وامکانات جعلها من أهم وسائل الاتصال الجماهيري في الوقت الحاضر ، ومن أسرعها لتوصيل الرسالة الدينية الإسلامية الي العالم سواء کانت هذه الرسالة دينية بحتة أو کانت رسالة عامة تعالج أحدث القضايا المعاصرة .
وقد فرضت الفضائيات العربية خلال السنوات الأخيرة نفسها کإحدي العناصر الأساسية في إنتاج أو إعادة إنتاج الخطاب الديني الإسلامي ، وتسابقت فيما بينها علي تقديم العديد من البرامج الدينية ، والتي تحمل أنماطاً مختلفة للخطاب الديني الإسلامي، وساهمت أيضاً في إيجاد حراکاً إعلامياً سياسياً ودينياً حول الخطاب الديني الإسلامي
وفي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد القنوات الدينية الخاصة، مقارنةً بالعدد الضئيل للقنوات الدينية التابعة للأجهزة الإعلامية الرسمية في دول المنطقة، وبالتالي تغيب الرقابة المباشرة على ما يقدم من محتوى ديني في هذه القنوات – تبرز العديد من السلبيات التي تعتري أداء هذه القنوات، الأمر الذي أسهم في حياد أغلبها عن الدور الأساسي المفترض لها في محاربة العنف ومقاومة التطرف ونبذ الطائفية، لتصبح في بعض الحالات أهم أدوات تأجيج هذه الأزمات في بعض المجتمعات العربية، فضلاً عن نجاح محاولات تسييس العديد من هذه القنوات، بل والعمل على إطلاق قنوات دينية تعبر عن تيارات إسلامية بعينها، وتعمل على نشر أفکارها
وانطلاقا مما سبق ومما أسفر عنه استعراض الدراسات السابقة من مؤشرات معرفية يتبلور موضوع البحث في تحليل العلاقة بين القنوات الفضائية الدينية وتجديد الخطاب الديني الإسلامي ، ودور هذه القنوات في تجديد الخطاب ، ورصد وتحديد أهم الصعوبات والعقبات التي تواجه تجديد الخطاب الديني ، بالإضافة الي تحليل سمات وعناصر وأهمية هذا الخطاب .