ساهمت الثورة التكنولوجية التي نعيشها اليوم بشكل كبير في تطور المجتمعات من نواحٍ عدة، خاصة التحول الرقمي في أماكن العمل سواء داخل مؤسسات القطاع العام أو الخاص، والذي ساعد بشكلٍ كبير على تعزيز الابتكار والأتمتة والشفافية، وإدارة الموارد بشكل أكثر كفاءة، وتوفير الوقت، والحد من البيروقراطية والفساد، وغير ذلك. إلا أن ذلك لا يخل من التحديات والتي يأتي على رأسها ظهور الهجمات الإلكترونية وتصاعد وتيرتها ضد مختلف المؤسسات.



فالاعتقاد السائد عند الحديث عن الهجمات الإلكترونية وعمليات القرصنة أنها تهديدات خارجية تُنفذ من قِبل أشخاص خارجيين تستهدف تلك المؤسسات لتحقيق مكاسب مالية أو لأسباب سياسية أو اجتماعية، غير أن التهديدات الداخلية تُشكل أيضًا خطرًا هائلًا قد يتمثل في موظف حالي أو أيٍ من شركاء العمل ممن لديهم وصول شرعي إلى أنظمة وبيانات الشركة والذين قد يستغلونه في تدمير أو سرقة البيانات أو تخريب أنظمة الشركة، إما نتيجة الإكراه أو بغرض الانتقام أو الابتزاز.



لذلك يحاول هذا التعليق إلقاء الضوء على مسألة التهديد الداخلي عن طريق معالجة تحليلية نقدية للحكم محل النظر والذي يتعلق بأحد أعقد الجرائم الإلكترونية والمتمثلة في جريمة "تجاوز حدود الدخول المصرح به" للكمبيوتر، المنبثقة عن جريمة "الدخول غير المصرح به"، والتي ما زالت محل جدل على الرغم من تعرض عديد المحاكم لمثل تلك المسألة على مدار العقود الثلاثة الماضية.



يبدأ التعليق بسرد وقائع القضية أولًا، ثم يوضح ثانيًا بشكل موجز ما أقرته المحكمة، ومن ثم يعرض الأسباب التي استندت إليها المحكمة، وعقب ذلك ينتقل إلى تحليل تلك الأسباب والتعليق عليها، وأخيرًا ينتهي ببعض الملاحظات الختامية