في ظل التغيرات والتطورات المعرفية والتکنولوجية والثقافية التي شهدها العالم مع بدايات القرن الواحد والعشرين، والتي أثرت على جميع جوانب الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، وبخاصة التعليم الجامعي، فإنه تبرز أهمية تقديم الحاجات الإرشادية للطلبة الجامعيين، کضرورة ملحة لمساعدة طلبة المرحلة الجامعية؛ والتي تعتبر تشکيل الشخصية وبلورتها بکل مکوناتها الجسدية والعقلية والنفسية والاجتماعية والخلقية، وهي المرحلة التي يواجه فيها طلبة الجامعات مشکلات متعددة في مختلف المجالات الأکاديمية والمهنية والاجتماعية والنفسية، وتتطلب إيجاد الحلول الناجعة لها، من خلال عمليات الإرشاد.
ويُعد الإرشاد عملية تربوية أساسها العلاقة الحرة بين المرشد والمسترشد وتتحکم بتلک العلاقة محددات منها الثقة والاطمئنان والسرية والخصوصية، کما يعبر الإرشاد عن مجموعة الخدمات المنظمة التي أُسست لتتابع تطور الطلاب وتوافقهم مع المواقف التي تواجههم (دوليب، 1983).
وتُعد الحاجات الإرشادية من أهم القضايا التربوية التي لاقت اهتماماً من قبل المهتمين بمجال علم النفس؛ لما لها من أهمية خاصة تعود بالنفع على الطالب من خلال مساعدته في إشباع حاجاته وتحقيق التوافق النفسي والمعرفي من جهة، وصقل إمکاناته والارتقاء بها لمستوى عالٍ من الإتقان من جهة أخرى (أبو عيطه، 1988).
ويقوم الإرشاد على مجموعة من الأسس التربوية والنفسية تتضمن جانبيين: أولهما مطالب النمو، إذ أن لکل مرحلة من مراحل عُمر الفرد متطلبات، لا بد من تحقيقها وتنحصر هذه المتطلبات في ثلاثة جوانب هي: مظاهر النمو العضوي، کما في تعلم المشي والکلام، وآثار الثقافة القائمة، وکما في تعلم القراءة، ومستوى طموح الفرد، وکما في اختيار المهنة. وثانيهما: الفروق الفردية التي تتضمن أن لکل شخص عالمه الخاص وشخصيته المتميزة عن غيره من الأشخاص الآخرين، کما تتضمن اختلاف إدراک الفرد لذاته وللآخرين وللمحيط عن إدراک الآخرين لهذه المجالات، وقد يرجع ذلک الاختلاف إلى فروقات أو اختلافات في مستوى النمو، ومستوى التعلم، والطبقة الاجتماعية والاقتصادية، التي يعيش فيها کل منهم کما أن هناک فروق بين النوع الاجتماعي تتمثل بفروقات جسمية وفسيولوجية واجتماعية، ولا بد للمرشد من الاهتمام بهذه الفروقات أثناء عملية الإرشاد (محمود، 1998).