يواجه الاقتصاد العالمي متغيرات حثيثة تتطلب من الحکومة حشد الجهود نحو تطوير خطط وإصلاحات اقتصادية وطنية تتکيف مع تقلبات أسعار النفط والرکود الاقتصادي العالمي، فضلاً عن الزيادة المضطردة في وتيرة النمو السکاني. لقد لامست رؤية المملکة 2030 تلک التحديات المستقبلية مبکراً، بدءاً من برنامج التحول الوطني 2020 لتترجم الأهداف الإستراتيجية إلى مبادرات تنفيذية ملموسة، ضمن إطار حوکمة محدد زمنياً ومؤشرات مرحلية لقياس الأداء ومتابعته. ويعد استثمار قطاع السياحة والتراث الوطني أحد الموارد الاقتصادية الهامة والتي رکزت عليها رؤية المملکة 2030 وذلک من خلال تطوير بيئة الاستثمار في هذا القطاع الواعد بحيث تساهم في جذب المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء وتعزز ثقتهم بالاقتصاد الوطني. وتمتلک المملکة العربية السعودية العديد من مواقع التراث العمراني، والتي يعد استثمارها أحد الموارد الاقتصادية الهامة في دعم خطط التنمية الوطنية الشاملة. تهدف هذه الورقة إلى تطوير آليات لتفعيل الشراکة المجتمعية المحلية کأحد عوامل نجاح الاستثمار في مواقع التراث العمراني في المملکة العربية السعودية. اعتمدت هذه الورقة على المنهج النظري والوصفي وذلک من خلال البحث التوثيقي في الأدبيات حول دور الشراکة المجتمعية کأحد مرتکزات التنمية السياحية، ثم استقراء دور الشراکة المجتمعية محلياً وآثارها الإيجابية في ثلاث مشاريع مختارة لمواقع التراث العمراني في المملکة العربية السعودية. وأخيراً، يخلص البحث الى التوصية بضرورة أن تعمل الشراکة المجتمعية کجزء من منظومة شراکات متعددة تضم الجهات الحکومية، والقطاع الخاص، والمؤسسات البحثية، والمؤسسات المدنية، والشراکات التطوعية. کما أوصت الورقة بتوسيع دور الجمعيات التعاونية کجزء من منظومة الاستثمار في مواقع التراث العمراني، لتحقيق المردود الاقتصادي للمجتمع المحلي وبما يعزز انتماء السکان بتراثهم وقيمهم الثقافية.