تعد مدينة القاهرة التاريخية من أبرز المدن الشاهدة على عمارة العصور الإسلامية، و قد ترکت هذه العصور موروثاً فريداً، ليس قاصراً على المباني الأثرية وإنما يتمثل في نسيج عمراني، واجتماعي متکامل من مبانٍ وبشر وتاريخ وتقاليد تعبر عن حضارة مئات السنين. وهذه الجوانب مجتمعة کانت سبباً في إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي باليونسکو منذ عام 1979م. ولکن تعاني القاهرة التاريخية حالياً من الکثير من المشکلات، فبالرغم من کثرة الأبحاث ومشروعات الحفاظ التي أجريت عليها إلا أن هذه القيمة التراثية الثمينة لا تزال في تدهور مستمر.
تتمثل المشکلة البحثية في عدم وجود منهجية للحفاظ على المدينة التاريخية في ضوء القيمة الاستثنائية لموقع التراث العالمي المستمدة من معايير تسجيل القاهرة التاريخية کموقع تراث عالمي، مما أدى إلى ظهور مناطق تمثل القيمة الاستثنائية بشکل ضعيف أو شبه منعدم على الرغم من وجودها داخل الحدود المسجلة کموقع تراث عالمي کما تم تحديدها في 2011، ويهدف البحث إلى طرح منهجية للحفاظ على القاهرة التاريخية في ضوء القيمة الاستثنائية لموقع التراث، تراعي القيم المميزة للمناطق المختلفة بالنسيج العمراني بالمدينة من خلال إجراءات للحفاظ تعمل على إبراز القيمة الاستثنائية بکل منطقة حسب القيم التراثية التي تميزها، عن طريق عمل دراسة تحليلية تنقسم إلى دراسة تاريخية وعمرانية ومعمارية واجتماعية للوضع الراهن لأمثلة من النسيج العمراني في القاهرة التاريخية ومراحل تطورها في القرنين الأخيرين، کمنطقة عابدين بوسط المدينة والعلواية بمصر القديمة، وهى مناطق تختلف عن تلک التي تکثر بها سمات القيمة الإستثنائية العالمية کمنطقة الخان الخليلي، والجمالية وسوق السلاح وغيرها، وذلک لاستنباط القيم التراثية بکل منطقة وتحديد علاقتها بالقيمة الاستثنائية العالمية التي سجلت عليها المدينة ککل، وعمل تحليل مقارن بين القيم التراثية بالمنطقتين لبيان تنوع القيم التراثية في القاهرة التاريخية واختلاف درجة تمثيلها للقيمة الاستثنائية، وصولاً إلى اقتراح منهجية للحفاظ على القاهرة التاريخية تشتمل على إجراءات للحفاظ تعمل على ربط القيم التراثية بکل منطقة بالقيمة الاستثنائية لموقع التراث االعالمي، على أن تمثل المنهجية المقترحة خطوة في عمل مخطط شامل للحفاظ على القاهرة التاريخية کموقع تراث عالمي.