أصبح التحول الرقمي للدخول الي عصر المجتمعات الذکية مطلب أساسي وليس اختياري أو الخروج من المعادلة العالمية؛ حيث تمثل الإدارة الفعالة للبيانات والمعلومات أھم العناصر التي تدعم نجاح ھذا التحول، وأصبح التحول الرقمي ليس قاصرا على ميکنة العمليات الحالية فقط وإنما شامل التغيير في نماذج العمل بفکر إبداعي وتمکين تقني. ولکي يعتبر ھذا التحول ناجحا  يتعين أن يکون بوسع القائمين علي إدارة المدينة تجميع البيانات من الأنظمة الحکومية القائمة وتطبيقات الإنترنت والأجھزة المتنقلة والتطبيقات من الجھات الخارجية الأخرى، والأھم من ذلک، من المواطنين الذين ھم أول المستفيدين من المدن الذکية. ويمکن استخدام البيانات التي تم جمعھا لصنع القرارات بشکل تلقائي استنادا لمعلومات مؤکدة، بما يمکن من تحسين حياة المواطنين. وظھرت العديد من المدن المعتمدة على التقنيات، إلا أن أھم ما يميز المدن الذکية ھو کفاءة إدارة الابعاد البيئية والاجتماعية في إطار مفاھيم الاستدامة والتشارکية والتي ترتکز علي الإدارة الذکية الفعالة للبيانات والمعلومات. ويتطلب إنشاء المدن الذکية أو تحويل المدن القائمة إلى مدن ذات تقنيات ذکية، دراسة مستفيضة وتحليل دقيق للواقع الراھن والمستقبلي وتحديد للإستراتيجيات والأھداف والخطط التنفيذية للوصول إلى النتائج المرجوة.
يتناول البحث مفھوم المدينة الذکية المستدامة وخصائصھا ومقوماتھا ومبادئ تکوينھا، واستعراض التجارب العربية والعالمية لإنشاء مدن ذکية أو تحويل المدن القائمة إلى مدن ذات تقنيات ذکية. بالإضافة إلى التعرف على إستراتجيات أدارة وتنفيذ وتطوير المدن الذکية المستدامة، ودراسة واستنباط مجموعة من المعايير العالمية  لتي وضعت لتقييم أداء المدن الذکية واولويات تنفيذھا؛ فمن خلال ھذا التقييم يمکن تحديد نقاط القوة والضعف وبالتالي صياغة أھداف وإستراتجيات التنمية المناسبة، ويختتم البحث بالنتائج والتوصيات التي تم التوصل اليھا من خلال الدراسة النظرية والتحليلية للبحث. اعتمد البحث على آلية عمل ومنھجية؛ تتمثل فى مجموعة من الخطوات، تنطلق من أسس مفاھيم نظرية حول إستراتجيات التحول إلى مدن الذکية وأبعادھا ومتطلباتھا وتطبيقاتھا، المنھج التحليلى لتحليل التجارب العالمية والاقليمية السابقة، والمنھج التطبيقى فى تناول الأسس والمعايير العامة والمبادئ التى يمکن استثمارھا فى شأن تکوين وإدارة المدن الذکية والمنھج الاستقرائي لاستخلاص النتائج والتوصيات.