تأثر المسرح الترکي المعاصر في فترة الستينيات من القرن العشرين بالتيارات الفکرية والمدارس الفنية الوافدة. ومن بين هذه المؤثرات، التي ظهرت بشکل واضح، المسرح الملحمي. وقد تأثر العديد من الکُتّاب الأتراک في سنوات الستينيات بنظرية المسرح الملحمي للکاتب والمخرج المسرحي الألماني (برتولد بريختBertolt Brecht ) بدرجات مختلفة؛ فمنهم من تأثر به من حيث المضمون الفکري، ومنهم من تأثر به شکلًا فحسب، وهناک من تأثر به شکلًا ومضمونًا. وکان الأديب الترکي (سرمت ﭼاغانSermet Çağan) رائد اتجاه المسرح الملحمي في الکتابات المسرحية الترکية، ومن أبرز الکُتاب الأتراک الذين تأثروا بالمسرح الملحمي من حيث الشکل والمضمون.
ويهدف البحث إلى الوقوف على الطرح الموضوعي في مسرحية (مصنع الأقدام والسيقانAyak Bacak Fabrikası) للأديب الترکي (سرمت ﭼاغان)، وکذلک تقنيات المسرح الملحمي التي اتبعها الکاتب وأفاد منها؛ للکشف عن تأثير نظرية المسرح الملحمي للکاتب والمخرج المسرحي الألماني (برتولد بريخت) على مسرح (سرمت ﭼاغان). وينهض البحث على فرضية أن المسرح الملحمى عندما ظهر في (ألمانيا) کان نتاجًا لظروف المجتمع الصناعي فى الغرب، وهي الظروف نفسها التي مرَّ بها المجتمع الترکي، خاصة وأن هدف هذا الاتجاه المسرحي إيقاظ الوعي لدى الطبقات العاملة بمغبات النظام الرأسمالي. إذ تحول العمل من قيمة إلى سلعة، ومن وسيلة لتجسيد طاقات الإبداع لدى الإنسان إلى قيد يدمر إنسانيته، ويدمر انتماءه إلى وطنه؛ ومن ثم ظهر المسرح الملحمي الذي تبنى الدعوة إلى تغيير هذا الواقع.