في هذه الدراسة، يقوم الباحث بمحاولة الکشف عن جانب من جوانب التحديث في اليابان و تاثيره علي الثقافة الدينية و خاصة البوذية و صراعها مع الاديان الأجنبية إبان فترة التحديث و ذلک من خلال دراسة و تحليل کتابات المفکر إنوا انريو ( ١٨٥٩ - ١٩١٩)، الذي يعد من اهم مفکري النهضة اليابانية و الذي مازالت کتاباته موضع بحث الدارسين. يتناول الباحث من خلال دراسة کتاب انريو " نظرية الدين و السياسة في اليابان"، فکر انريو تجاه الصراع الذي کان مشتعلا في اليابان بين القديم متمثلا في البوذية اليابانية و بين الاديان الأجنبية.
في هذه الورقة البحثية، يتناول الباحث فکر انريو تجاه الصراع الذي کان مشتعلا في اليابان إبان القرن التاسع عشر بين القديم متمثلا في البوذية اليابانية و بين الاديان الجديدة الوافدة الي اليابان . يتناول الباحث في أربعة فصول، الخلفية التاريخية و التعليمية التي کُتب خلالها الکتاب. في الفصل الثاني ، يشرح الباحث تعريف و فهم انريو للدين الياباني. ثم يتناول الباحث في الفصل الثالث، فکر انريو حول دور الدين في الدولة و نظام الحکم. اخيراً في الفصل الرابع ، يکشف الباحث رؤية انريو للاديان الأجنبية و أخطارها المُحتملة و طرق تفاديها.
توصل الباحث من خلال هذه الفصول الأربعة الي نتائج أصيلة لم تتطرق لها الأبحاث السابقة حول فکر انريو:
اولا : هناک مشکلة في تعريف الأشياء و ماهية علاقاتها المتشابکة عند انريو ، حيث يقتصر تعريف انريو للاديان التقليدية اليابانية علي البوذية بل انه يستطرد في وصفها بانها روح الحضارة اليابانية و عماد الدولة اليابانية تاريخيا و سياسيا و ثقافيا و اجتماعيا، و لکنه لم يقدم دليلا واحدا علي هذا الزعم، بل انه الثابت تاريخيا ان الدولة اليابانية قامت بالأساس علي البيت الإمبراطوري و الذي يدين بالديانة الشنتوية و التي تتمحور حولها الکتابات السياسية و الفنية و التاريخية اليابانية منذ بدء تکوين الدولة اليابانية.
ثانيا : يجتهد انريو محاولا إقناع القارئ بسماحة و سلامة الديانة البوذية و في المقابل عدوانية الديانات الأجنبية و هو هنا ايضا لم يقدم الدليل علي رؤيته و وجهة نظره. بالاضافة الي ذلک ، اذا تصفحنا تاريخ اليابان نجد الکثير من حوادث الصراع بين الدولة اليابانية و رهبان المعابد البوذية و التي تصاعد نفوذها داخل السياسة اليابانية حتي انها امتلکت جيشا و حدودا مستقلة عن الحکومة اليابانية
يکشف الباحث من خلال الفصول الأربعة محاولات انريو الحثيثة لإثبات أهمية الديانة البوذية و دواعي حمايتها و تدعيمها من اجل صالح المجتمع الياباني، کما يلقي الباحث الضوء علي صراع داخل انريو في محاولاته لحماية الديانة البوذية من اخطار انتشار الأديان الأجنبية و تجنب غضب او عنف الحکومة اليابانية، أدت هذا المحاولات الحماسية الي ارتباکه و ارتکابه اخطاء تتعلق بمصداقية و دلالية المعلومة. علي الجانب الاخر، يظهر جليا ترتيب أوليات انريو و التي تأتي في مقدمتها بناء و تدعيم الدولة اليابانية حتي و ان تم استغلال الديانة البوذية و التغير في معتقداتها و هيکلها مادام ذلک يحقق المصلحة الوطنية ، ثم تأتي بعد ذلک تدعيم و حماية الديانة البوذية في المرتبة الثانية في ترتيب أولوياته