شهدت الساحة الفرنسية إنتاجاً أدبياً کبيرا، من کبار کتابها ورحالتها ومفکريها الذين بدورهم، اثروا في مفکري وأدباء الشعوب التي استعمروها فکتب هؤلاء إنتاجهم الفکري الغرائبي (Exotique) بلغة المستعمر الفرنسي، لا سيما في النصف الثاني من القرن العشرين.
وبدوره تأثر الکاتب الفرانکفوني السعودي أحمد أبو دهمان ببعض الکتاب الفرانکفونيين من المغرب العربي وحاول السير على نفس خطاهم وذلک بتقديم صورة مختلفة عن المجتمع السعودي عبر روايته (الحزام).
کثف أبو دهمان السياق الحکائي؛ لجذب القارئ الغربي، واجتهد في فتح حکايات المجتمع المغلق والمحافظ نحو العالمية فاشتهرت روايته من خلال نشرها وإعادة نشرها عدة مرات وبعدة لغات، بعد أن ترکت الرواية إبداعا مختلفا في طرحها، وأفکارها الجديدة وقراءاتها المتعددة. حيث عاد الکاتب بذاکرته إلى الوراء وسردها في قالب جذاب ليتمکن من العيش والتعايش مع الآخرين. ومن خلال نشر روايته اکتشف أبو دهمان أن له أقارب وأصدقاء في العالم، يشبهون کثيرًا أهل قريته بالرغم من اختلاف لغاتهم ولهجاتهم وثقافاتهم.
ترجم الروائي أبو دهمان روايته إلى العربية، وفي الترجمة، إثراء للفکر الإنساني، إلا أن ترجمته سکتت وأضافت واختصرت کثيراً من مقاطع الرواية المترجم عنها. لقد تقمص الکاتب في ترجمته، دور الرقيب ليصبح رقيباً ذاتياً لما يترجم، وسکت أو تجاهل عما أفصح عنه في اللغة الفرنسية وعن بعض تعابيرها وجملها التي لا تهم القارئ الغربي. اعتمد الکاتب على عامل الإثارة والخيال الجامح کسفره ومغامراته في الريف الذي عاش فيه وفي مدينة أبها وباريس، وتمکن من إيقاظ القرية من ذاکرته وتوثيق عاداتها وتقاليدها، فخلق أسطورةً أکثر مما تحتمله الرواية نفسها وبما يتناسب مع ثقافة الشعوب الفرنسية والعربية.
کما أوجد الکاتب أبو دهمان للمرأة موضعا جميلا ومشرقا في روايته، حيث أشبع القراء بحضورها وقوتها الأسطورية الخارقة، فکانت شخصية أمه المحرک الرئيس لذلک الحضور، من خلال مجموعة القيم الجميلة التي تمثلها في قريتها التي عشقها الکاتب وعاش فيها، فأصبحت الأم ذاکرة القرية والقبيلة والمجتمع.