تشهد البشرية اليوم منعطفًا جديدًا فى تاريخها بسبب التطورات الهائلة التى أحدثتها الثورة الصناعية الرابعة، والتى تتمثل فى التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعى والروبوتات والتكنولوجيا الحيوية، وإنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والسيارات ذاتية القيادة، والمجال السيبرانى والواقع المعزز(لوتشيانو فلوريدى، 2017، 9-10). وعلى الرغم من اعتماد هذه الثورة على البنية التحتية، وتقنيات الثورة الصناعية الثالثة، إلا أنها تقترح طرقًا جديدة فى جميع مجالات الحياة، حيث تصبح التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ فى جميع المجتمعات.          ويرى الخبراء فى هذا المجال أن انتشار التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعى وعلم الروبورت فى مؤسسات المجتمع لن يسبب عجزًا فى الوظائف فقط، بل يسبب عجزًا فى المهارات أيضًا، ومن ثم يجب تطوير رأس المال البشرى القادر على مواكبة التحول الجذرى الذى سيحدثه الذكاء الاصطناعى فى طبيعة الوظائف والمهن وتخصصات المستقبل، واستثمار القدرات الإنسانية للتكامل مع الآلة وقيادة تطبيقات الأتمتة وتعزيز الإنتاجية وتشجيع ثقافة الابتكار (الهيئة الاتحادية للموارد البشرية والحكومية، 2019، 25). وتعد كفاءة النظم التعليمية المدخل الرئيسى لبناء رأس المال البشرى عالى المعرفة، وعلى درجة من الكفاءة تخوله أن يكون محركًا فاعلاً لدخول دائرة الثورة الصناعية الرابعة وتحقيق متطلباتها (مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة والمكتب الإقليمى للدول العربية/ برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، 2017، 21). فالتعليم هو العمود الفقرى والركيزة الأساسية والمفتاح الحقيقى والمنطلق الفاعل لكل ما نرجو أن نحققه.          ولقد أكدت العديد من الدراسات على وجود ارتباط بين التعليم والتدريب ومواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، فقد أكدت دراسة ريتشيرت وآخرينRichert) et. al. 2016) على أن التعليم هو الطريق للتكيف مع الثورة الصناعية الرابعة وليست الصناعة فقط. وأنه يجب إعداد الطلاب للتعامل مع اختراقات التكنولوجيا، كما يجب الاهتمام بإعداد معلمين يمتلكون الكفاءات التكنولوجية للتفاعل مع الطلاب، ويقتضى ذلك إعادة التفكير فى مخرجات التعلم المستهدفة، وعمليات التدريس والتعلم والتقويم، وتعزيز أدوار الذكاء الاصطناعى، وتنمية المهارات الناعمة.