تعتبر الثورة التکنولوجية وما تمثله من  تدفقات الحديث من المواد والأجهزة و المعلومات محل صراع وتحد للدول النامية فى استيعابها واستخدامها. ولا ينبغى فقط اختيار المناسب منها و ما يلائم ظروف بلادنا، بل يجب - وهو دور ما يتطرق له العمل فى المراکز البحثية - معرفة ما يستحدث أو سوف يستحدث من مواد أو أساليب للتعامل مع المشاکل العلمية والفنية، والتى تتوافر للباحثين من خلال عملهم البحثى ومن خلال رؤيتهم المتخصصة المتطلعة. وبالتالى يبدأ دورهم مبکرا قبل وصول المنتجات التکنولوجية الحديثة إلى بلادهم، وذلک من خلال معرفة الإيجابيات والسلبيات لکافة الجوانب، وکذلک بالسعى للوصول إلى التطوير أو إلى الأسلوب المناسب لاستيعابها واستعمالها فى بلادنا  ؛ فيجب إعداد الأمور واستعداد الأجهزة والهيئات لاستقبالها على أسس علمية، حتى لا تقع بها أخطاء  أو تؤدى إلى إهدار الموارد من المال والجهد والوقت، وبالإضافة إلى الشعور بالتقليد والفشل وضياع الشخصية بدلا من الشعور بالتميز والنجاح، وسوف نقدم أمثلة لذلک تمت فى الماضى من خلال هذا البحث. إن الوقت وکذلک بقية الموارد ليست تتحمل الآن المزيد من الإهدار، ولکنها الآن  - فى  ظل الزيادة الرهيبة لسرعة محرکات المعرفة والتکنولوجيا وفى ضوء ما تمر به بلاد المنطقة من ظروف - فى تحد صارخ لإمکانياتها التى أهم ما يتوافر فيها الباحثون المهتمون فعليا بالقيام بالعمل لأجل  تحقيق هذا الهدف. کذلک فان استيعاب قدرات الباحثين والاستفادة منها هى وظيفة أساسية فى العمل ذاته، بل هى إدارة المعرفة التى تتساوى  فى المعنى لإدارة المشروعات فى التطبيقات الهندسية، وتسبقها کدور أيضا، بل هى أيضا أهم استخدام على الإطلاق للتکنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى أنها کذلک إثراء لنفسية هؤلاء الباحثين -التى ربما تکون محبطة لعدم الشعور بالقيام بدور مجد أو فعال - بأن العمل فى احتياج لهم، وبأنهم ملتزمون بأهداف الهيئة أو المؤسسة، وکذلک الدولة التى ينتمون إليها، وبأنهم فى مصالحة مع الطبيعة البشرية التى تعنى بالمسؤولية الملقاة وتسعى وتعمل لها. بل هذا هو العمل الحضارى الذى يشمل کافة  مستويات العمل العلمى، ويشارک جميع الأفراد فبه، ويهتم بالأعمال الصغيرة مثل الأعمال الکبيرة، وذلک ما يعنيه أسلوب الجودة الشاملة. والتى سنتعرض من خلالها - فى هذا البحث - إلى منظومة أبعاد عملية تحفيز البحث والابتکار وکيفية تحقيقها - والتى إن تم أداؤها تأدية کاملة تکون بداية وضع حجر أساس لنهضة تکنولوجية فى بلادنا ؛ وهذا ما نسعى إليه هذه الأيام بکل إخلاص - بأمثلة لنماذج تکنولوجيا حديثة على وشک الدخول إلينا فى أحد المجالات - مجال البناء - وبيان للمراحل والخطوات التى يجب أن نتبعها بشأنها حتى نصل إلى أحسن ما يجب العمل به فى أسلوب استخدامها، وأثر ذلک على الجوانب أو المردود النهضوى ( العلمى والثقافى و البيئى ) و الاقتصادى والزمنى، وکذلک سوف نقدم من خلال  هذه الدراسة معادلة لاستدامة الحضارة المتواصلة التى يمکن أن تتحقق فى بلادنا.