تعتمد قوة النظام التعليمي في أيِّ بلد على مناهجه الرسمية، التي تمثل الأداة الرئيسية لتنفيذ سياساته التعليمية. وتمثل المناهج المدرسية وثيقة المنهاج الرسمية المقرّة من الوزارة أو المؤسسة المعنية بالمناهج في کل بلد؛ بما تتضمنه من توجيهات وإرشادات وتعليمات للمدرسة والمعلم حول نوعية التعليم المنشودة، في حين تعکس الکتب المدرسية وثيقة المنهاج الرسمية في صورته المکتوبة. وتشرف وزارة التربية والتعليم في الأردن على تصميم المناهج المدرسية وتقويمها وتطويرها وتعديلها، وتلزم المدارس ممثلة بالمعلمين باعتمادها کمصدر أساسي للتدريس.
وتعد مناهج الرياضيات المدرسية من أکثر المناهج أهمية في مرحلة التعليم الأساسي (Fan, 2013)، وأکثر المناهج التي جرى عليها تغييرات واسعة على المستوى العالمي في السنوات الأخيرة. ويعزو فان دي ويل وکارب وبي- وليام (Van de Walle, Karp, & Bay-Williams, 2013) التطّور الکبير الحاصل في مناهج الرياضيات المدرسية إلى المجلس القومي لمعلمي الرياضيات في الولايات المتحدة الأمريکية (NCTM) وما يصدر عنه من وثائق، حيث وفرت مبادئ ومعايير المنهاج ومعايير التقويم في الوثائق الصادرة عن هذا المجلس للوزارات والمؤسسات المعنية بالمناهج في کل بلد توجيهات عامة لتطوير الخطوط العريضة لمنهاج الرياضيات في مختلف الصفوف، مما ساعد العديد من الدول على تطوير أنظمة التعليم فيها وتغيير الممارسات التعليمية ومنهجيات التدريس وزيادة الاهتمام بنوعية کتب الرياضيات.
ويمثل کتاب الرياضيات محتوى منهاج الرياضيات المدرسية، ويعدُّ أکثر عناصر المنهاج تأثيرًا في عملية تعلم وتعليم الرياضيات في المرحلة الأساسية (Okeeffe, 2013)، وهو أکثر عناصر المنهاج قربًا للطالب، ومصدرًا رئيسيًا للأمثلة والأنشطة التي يتدرب عليها، ويستطيع الرجوع إليه متى شاء. کما يسهم کتاب الرياضيات في بلورة رؤية المعلمين لموضوعات الرياضيات المقررة لصف معين ويعطيهم فکرة عن کيفية عرضها وتدريسها (Ravitch, 2003; Valverde, Bianchi, & Wolfe, 2002)؛ فقد أظهر تحليل نتائج اختبارات (TIMSS) للأعوام (2003, 2007, 2011) ولمعظم الدول المشارکة زيادة في اعتماد معلمي الرياضيات على الکتاب المدرسي کمصدر رئيسي مکتوب لتنفيذ محتوى المنهاج وتحديد کيفية عرض موضوع معين داخل الغرفة الصفية (OECD, 2014)، وقد يعود ذلک للتطوير والتعديل الذي طرأ على هذه الکتب في ضوء نتائج الطلبة على اختبارات (TIMSS) السابقة لتعکس المنهاج بشکل أفضل، فأصبحت هذه الکتب مصدرًا مهمًا يساعد المعلمين في تصميم التدريس.
ويتمثل الدور الرئيسي لکتب الرياضيات المدرسية في مساعدة الطلبة وزيادة دافعيتهم نحو التعلم، حيث يتوقف مقدار اعتماد الطلبة عليها في تعلم الرياضيات على کيفية استخدامها من قبل المعلمين، ويرى سيوال (Sewall, 1992) أنه من المستحيل تحقيق مستوى عالٍ من التعليم دون استخدام الطلبة للکتب المدرسية. کما يعتبر الکتاب المدرسي جزءًا مهمًا من الحصة الصفية، وعاملًا مهما لتحقيق معيار الجودة في التدريس (Nicol & Crespo, 2006) فهو يعد المصدر الرئيسي الذي يلعب دورًا مهما في التخطيط للدروس، وطريقة التقديم في الحصة وکيفية تقييم المعلمين لمقدار ما تعلمه طلبتُهم (Dowling, 1996; Fan, 2013; Li, 2000).