Beta
58764

دور الجامعات في تعزيز الأمن الفکري للشباب "الواقع وآليات التطوير"

Article

Last updated: 24 Dec 2024

Subjects

-

Tags

-

Abstract

    کرم الله تعالى الإنسان وفضله على کثير ممن خلق وأعلى قدره وربط هذا التقدير والمکانة بالعلم وعظم قدره . قال تعالى (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) ولا مثيل للإنسان في مقدرته على اکتساب العلم وتوليد العلوم من غيرها عن طريق أعمال العقل , وقد عظم الله تعالى قدر العقل في القران وأمر بأتباع الهدى الذي يقود إليه وعدم مجاراة الهوى, ومن تعريفات الإمام الغزالي للفکر قوله "أعلم أن الفکر هو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة" (1)
وقد شهد العالم في بداية الألفية الثالثة تحولات عميقة تشکل في حد ذاتها أحداث وتغيرات مهمة في مجالات الحياة المعاصرة وتحديات سياسية واجتماعية واتصالية وثقافية تشکل جميعها معطيات حياتية تنعکس على حرکة المجتمع المادية والفکرية والخلقية نتيجة للانفجار المعرفي الهائل وتطور وسائل الإعلام وثورة الاتصالات ونقلها بسرعة فائقة أشکالاً ونماذج متعددة من الأفکار والثقافات من مجتمع إلى آخر . وکان طبيعيًا أن تفرز هذه المعارف والتقنيات الحديثة وثورة الاتصالات والمعلومات والعولمة عددًا من المتغيرات في الواقع العربي انعکس على أساليب الحياة والتفکير والقيم وأدى إلى تغيرات وتحولات على صعيد الوعي الاجتماعي والسياسي والثقافي (2). وأصبح مفهوم الأمن الشامل هاجساً يفوق في بعض جوانبه الهاجس السياسي والاقتصادي في عالم اليوم، لأن غياب الأمن يقوض أسس الاستقرار ولا يمکّن من إحراز أي تقدم على الصعيدين السياسي والاقتصادي. 
ولقد کان الأمن والاستقرار المطلب الأول لنبي الله إبراهيم حيث قال تعالى: " وإِذ قَالَ إِبراهيم رب اجعلْ هذا بلداً آمناً وارزق أَهَله من الثَّمرات من آمن منهم بِالّله واْليومِ الآخرِ قَالَ ومن کَفر فَأُمتِّعه قَليلاً ثُم أَضطره إِلى عذابِ النَّارِ وبِئْس اْلمصير"  (البقرة: 1)
فالحرب والقتال بين البشر ظاهرة اجتماعية لم تختف حتى الآن وتعتمد الحضارات الإنسانية على ما تملکه من مقومات ذاتية تميز حضارة عن أخرى. فالحضارات لا تتصارع بالسلاح ولکنها تعيش وتمد نفوذها وتبسط مفاهيمها وقيمها وأنماط  سلوکها وتحقق سلطانها نتيجة سلامة ما تحمله من مفاهيم وقيم .(3) 
 ويعد الأمن الفکري أحد فروع الأمن بل يمکن القول أن الأمن الفکري هو الأساس لأي أمن على اعتبار أن الفرد إذا ما امتلک فکراً سليماً راشداً استطاع أن ينعم بالأمن والاستقرار الشامل الذي ينشده المجتمع من حوله .
ولأن الشباب يعتبرون من أهم شرائح المجتمع وعماد الأمة ومکمن طاقتها المبدعة وقوتها الواعدة، فإن تعزيز الأمن الفکري أصبح ضرورة ملحة في ظل التلوث الثقافي والغلو الديني وضعف الوعي السياسي الذي شاع في المجتمع لإعدادهم وتأهيلهم وتحصينهم من الغزو الفکري والثقافي والقيمي.
ويحتل الأمن مکاناً بارزاً بين المهتمين والمسئولين في المجتمع المعاصر، لاتصاله بالحياة اليومية بما يوفره من طمأنينة النفوس وسلامة التصرف والتعامل. کما يعتبر الأمن نعمة من نعم الله عز وجل التي منَّ بها على عباده المؤمنين، فقد قال تعالى (فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع واءمنهم من خوف).
ولقد أکدت اﻟﺷراﺋﻊ اﻟﺳﻣﺎوﻳﺔ أﻫﻣﻳﺔ اﻷﻣن ﻓﻲ ﺣﻳـﺎة اﻟﺑﺷـر واﺳـﺗﻘرار ﻣﻌﻳﺷـﺗﻬم وﺟـﺎء اﻹﺳـﻼم ﻟﻳـوﻟﻲ اﻷﻣن ﻣﻛﺎﻧﺔ ﻋظﻳﻣﺔ ارﺗﺑطت ﺑﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟـدﻳن واﻟـﻧﻔس واﻟﻌـرض واﻟﻌﻘـﻝ واﻟﻣـﺎﻝ . وورد ذﻛـر اﻷﻣـن ﻓــﻲ ﻣواﺿــﻊ ﻋدﻳــدة ﻓــﻲ اﻟﻘــرآن اﻟﻛــرﻳم واﻟﺳــﻧﺔ اﻟﻧﺑوﻳــﺔ. ﻓﻘــد ﻗــﺎﻝ ﺳــﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌــﺎﻟﻰ :" اﻟــذﻳن آﻣﻧــوا وﻟــم ﻳﻠﺑﺳــوا إﻳﻣــﺎﻧﻬم ﺑظﻠــم أوﻟﺋــک ﻟﻬــم اﻷﻣــن وﻫــم ﻣﻬﺗــدون " (اﻷﻧﻌــﺎم ٨٢) . وﻗــﺎﻝ اﻟﻧﺑــﻲ ﻋﻠﻳــﻪ اﻟﺻــﻼة واﻟﺳﻼم" ﻣن أﺻﺑﺢ ﻣﻧﻛم آﻣﻧﺎ ﻓﻲ ﺳـرﺑﻪ، ﻣﻌـﺎﻓﻰ ﻓـﻲ ﺟﺳـدﻩ، ﻋﻧـدﻩ ﻗـوت ﻳوﻣـﻪ،  ﻓﻛﺄﻧﻣـﺎ ﺣﻳـزت ﻟﻪ اﻟدﻧﻳﺎ ﺑﺣذاﻓﻳرﻫﺎ".
وعلي الرغم من أنه ثمة مؤشرات تفيد بأن الدراسات الخاصة بالأمن الفکري باتت أحد الأولويات البحثية المهمة ، إلا أن الإشکالية تزداد تعقيداً إًذا ما وضعنا في الاعتبار غموض وتشابک مفاهيم الأمن علي وجه العموم، وقضيّة الأمن الفکريّ ليست وليدة اليوم بل هي قضية موجودة على مر الأزمنة والعصور ولکنها برزت بشکل أکبر في الآونة الأخيرة نتيجة عدّة عوامل داخلية وخارجية .
وإذا ما حاولنا توخي الطرق التي يتحقق من خلالها الأمن الفکري ، فأننا نجد أن هذه الطرق متداخلة ومعقدة فهي طرق تتکاتف من أجل تنمية مستدامة شاملة. وتتأسس في الحقيقة على شراکة تقوم الدولة بدور تنموي يتحقق من خلال سياسات تتوخى العدالة الاجتماعية. ولکن هذا الدور الرئيسي للدولة لا يبلغ غايته إلا بتعاون وثيق من قبل مؤسسات المجتمع ومنها المؤسسات التعليمية . حيث توفر المساندة والدعم والتأييد وتشارک بشکل فعال في ترسيخ مفهوم الأمن الفکري وتعمل على التوعية بحقوق الأفراد والتعبير عن آرائهم، وإتاحة الفرصة لهم للتطوع والمشارکة.
وﺗﻘوم اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺗﻌﻠﻳﻣﻳﺔ ﺑدور ﻣﻬم ﻓﻲ ﺗﺷﻛﻳﻝ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺗﻘﻊ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻣﺳؤوﻟﻳﺔ ﻋظﻳﻣـﺔ ﻓـﻲ ﻏرس اﻟﻘﻳم اﻹﻳﺟﺎﺑﻳﺔ واﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻌﻘدﻳﺔ واﻟﻔﻛرﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗواءم  ﻣﻊ اﻟﻔطرة اﻹﺳﻼﻣﻳﺔ اﻟﺳـﻠﻳﻣﺔ، وﺗﺗﻔـق ﻣﻊ ﻗﻳم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺗوﺟﻬﺎﺗﻪ .وﻫﻲ ﻛذﻟک ﻣن أﻫم اﻟرواﻓد اﻟﻔﻛرﻳﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺗـﻲ ﺗﺗـوﻟﻰ ﺣﻣﺎﻳـﺔ ﻣﻌﺗﻘـدات اﻟطﻠﺑﺔ وأﻓﻛﺎرﻫم ﻣن ﺧـﻼﻝ اﻟﻣﻧـﺎﻫﺞ واﻷﻧﺷـطﺔ اﻟﻣرﺗﺑطـﺔ ﺑﻬـﺎ وﻳﺗﺿـﺢ أﻫﻣﻳـﺔ دورﻫـﺎ ﻓـﻲ اﻟﺣﻔـﺎظ ﻋﻠـﻰ اﻷﻣن اﻟﻔﻛري ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺿم ﻓﺋﺔ ﻣـن أﻫـم ﻓﺋـﺎت المجتمع وﺛـروة ﻣـن أﻏﻠـﻰ ﺛـروات اﻷﻣـم أﻻ وﻫـﻲ ﻓﺋـﺔ الشباب وﻣــﺎ ﻳــﺗم ﺗﻘدﻳﻣــﻪ ﻟﻬــم ﻓــﻲ ﻫــذﻩ اﻟﻣؤﺳﺳــﺎت ﺳــﻳﺣدد ﻓــﻲ اﻟﻧﻬﺎﻳـــﺔ ﺷـــﻛﻝ اﻟﻣﺧرﺟـــﺎت اﻟﺗﻌﻠﻳﻣﻳـــﺔ واﻟﺗرﺑوﻳـــﺔ اﻟﻧﻬﺎﺋﻳـــﺔ وﻳﻧﻌﻛس ﻋﻠـــﻰ ﺗﺻـــرﻓﺎﺗﻬم وﺳـــﻠوﻛﻬم اﻟﻣﻛﺗﺳـــب  ﻧﺗﻳﺟﺔ لما تعلموا وتربوا عليه.
ونحاول في هذه الورقة أن نستجلى معالم الدور الذي تضطلع به المؤسسات التعليمية وعلى رأسها الجامعات في هذا الصدد . ولتحقيق هذا الهدف ، فسوف نطرح في البداية قضايا وتعريفات عامة تتعلق بالأمن الفکري ثم نستعرض تفصيلا لدور الجامعات في تعزيز الأمن الفکري والحفاظ عليه . وذلک من خلال الإجابة على التساؤل التالي (ما هو دور الجامعات في تعزيز الأمن الفکري؟)،  وقد رکزت الورقة على المحاور التالية:
المحور الأول: الأمن الفکري (المفاهيم- الماهية).
المحور الثاني: مقومات ومراحل الأمن الفکري.
المحور الثالث: دور الجامعات في تحقيق الأمن الفکري لشباب.

DOI

10.21608/jfss.2016.58764

Keywords

الأمن الفکري

Authors

First Name

زينب

Last Name

الباهي

MiddleName

-

Affiliation

أستاذ مجالات الخدمة الاجتماعية وعميد کلية الخدمة الاجتماعية-جامعة الفيوم

Email

-

City

-

Orcid

-

Volume

4

Article Issue

4

Related Issue

8953

Issue Date

2016-07-01

Receive Date

2016-05-14

Publish Date

2016-07-01

Page Start

141

Page End

163

Print ISSN

2682-2660

Online ISSN

2682-2679

Link

https://jfss.journals.ekb.eg/article_58764.html

Detail API

https://jfss.journals.ekb.eg/service?article_code=58764

Order

6

Type

المقالة الأصلية

Type Code

1,010

Publication Type

Journal

Publication Title

مجلة کلية الخدمة الاجتماعية للدراسات والبحوث الاجتماعية

Publication Link

https://jfss.journals.ekb.eg/

MainTitle

دور الجامعات في تعزيز الأمن الفکري للشباب "الواقع وآليات التطوير"

Details

Type

Article

Created At

22 Jan 2023