Beta
58761

الشباب والمثقف متعدد الأبعاد: فقه ما بعد الإنسانية

Article

Last updated: 24 Dec 2024

Subjects

-

Tags

-

Abstract

عرف التاريخ أدوارًا غير منکورة للمشارکة الفعالة للشباب في الحرکات الاجتماعية الجديدة ، ولعل ما حدث في أوربا الغربية وبعض الدول الإشتراکية في أواخر الستينيات، وفي مرحلة السبعينات والثمانينات خير شاهد على ذلک، حينما لم تغب هذه الفئة العمرية عن تفعيل حرکات الحضر وتحرير المرأة والشواذ جنسيًا، ومناهضة العبودية، والإطاحة بالنظم السلطوية الشيوعية في أوربا الشرقية ودول البلقان وفي تنمية الحرکات القومية في سلوفينيا وبلغاريا ورومانيا ويوغسلافيا وصربيا وأوکرانيا فيما قبل وبعد إنهيار الإتحاد السوفيتي.
لقد ساهم الشباب بقوة بعد سقوط کثير من الأنظمة التي کانت تعاند توطين الديمقراطية في بلدانهم، وهو ما جعلهم ينظمون الحملات لدعم المعارضة وتنظيم مراقبة الإنتخابات والحث على التصويت، والإطاحة بالأنظمة المستبدة وتغييرها ليس عن طريق العنف، وإنما عن طريق استخدام تقنيات سلمية کانت السبيل للقضاء على اللامبالاه وتفعيل روح الدعابة والسخرية عن طريق التقنيات الإعلامية الجديدة.
والحقيقة أن الدفع بالشباب للمشارکة في أحداث التغيير السياسي في هذه البلدان کان بمثابة تجييشه وتسيسه بطريقة راديکالية، وهو ما تجسد في مشارکتهم في الحياة العامة والمشارکة في الإحتجاجات، والإنفتاح على المنتجات الثقافية والمادية، خاصة ما يرتبط بإستخدام تقنيات الاتصال الحديثة التي ساهمت في تأجيج الوعي المدني والمشارکة السياسية(1).
وأحرى بنا أن نسجل هنا أن مجتمعنا العربي- وخاصة من بلدان ثورات الربيع العربي- لم ينفک عن هذه الأحداث السياسية والاجتماعية التي جعلت فئات الشباب تتفاعل وتتشارک  بقوة مع معطيات التغيير في مجتمعاتهم، إما بهدف إشباع الاحتياجات من جهة، أو تعميق المسار الديمقراطي وخلق مجتمع مدني تسوده قيم الإنسانية والتواصل والديمقراطية، والتحايل على مسارات السلطة وکسر حاجز الخوف.
فالشباب بحسبانهم يشکلون وقود الحرکات الاجتماعية والاحتجاجية التي عرفها العالم العربي من المحيط إلى الخليج يجعلنا بصدد قوة فاعلة تحاول أن تجعل من ذاتها أدوات البناء، وهو ما عبرت عنه محاولات الإطاحة بالأنظمة السياسية ومشارکتهم في کل الأحداث، تلک التي أبانت عن قدرتهم على الإبداع والتجديد والإبتکار والمبادأة والتعبير عن الذات، والتعامل مع الأزمات وتجاوز کل الحدود والقيود.
وإذا کانت حرکية التغيير التي عرفها العالم العربي في فترة ما يسمى بالربيع العربي قد أوقعت ملامح جديدة في آليات التغيير والثورة ، فإنها في الوقت عينه جعلت الفئات الشابه تأتي عوضًا عن القوى الثورية (العنيفة) في المجتمع، ناهيک عن جعل الشبکات الإفتراضية بديلاً عن وسائط الوعي والتعبئة الجماهيرية، التي لعبت  دورًا محوريًا في تحريک المياة الراکدة التي أستمرت إلى ثلاثة عقود دون أي تغيير. لقد باتت الشبکات الإفتراضية فضاء فاعل ومؤثر في زيادة وتائر فعاليات الإحتجاج والتنسيق والمتابعة والتثوير، الأمر الذي خلق بطريقة موازية ثقافة جديدة للشباب، تلک التي عمدت إلى إرساء ثقافة حوارية جديدة تعمل على تکريس قيم ما بعد الإنسانية.
فمع سيطرة مجتمع المعلومات على مناشط الحياة اليومية، فقد تم تخليق فضاءًا رمزيًا مواز بالعالم الواقعي، ذلک الذي بات يشکل البيئة الرئيسة والحاضنة للتفاعل الاجتماعي على کافة الأصعدة الاجتماعية والثقافية والسياسية. لقد باتت التفاعلات الإنسانية الآلية في الفضاء الإليکتروني، بمثابه مجتمعات إفتراضية Virtual Communities  تتحايث مع طبيعة الفضاء الطبيعي والواقعي، الأمر الذي جعلها تشکل شبکات إنسانية ترتبط ببعضها البعض وتتجاوز للحدود والثقافات، وتساهم في تعديل الأفکار والقيم والسلوکيات خاصة ما يرتبط بالحرية والأبداع وتفعيل الديمقراطية والتواصل الإنساني(2).
فمن خلال مفهوم المجتمع الإفتراضي Virtual Communities الذي صکه "هاورد رينجوولد في عام 1994    فقد تولدت اهتمامات مشترکة عبر الجغرافيا الممتدة ، لتخليق ما يسمى بالفضاء العام الإفتراضي الذي يسمح في إطاره بالمناقشة وتداول المعارف عبر کيانات اجتماعية هي الأخرى باتت إفتراضية، تسمح بإعادة إنتاج خريطة الحرکات الاجتماعية وابتکار مفردات جديدة للحياة الاجتماعية والسياسية والقيمية.
إذا کانت الشبکات الافتراضية بمثابة المجال العام الذي يتم عبره تبادل المعلومات وتأسيس السلوک الجمعي المتحرر لفئات الشباب، فإن ظروف الوجود الراهن تفرض ضرورة وجود ما يسمى "بالمثقف الکوني" الذي يلعب دورًا قائدًا في عملية بناء الشبکات والتحالفات لتوسيع قاعدة الدعم والمساندة لکثير من الفئات الاجتماعية، وتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الحقوق الاجتماعية ونبذ التعصب والصراع، وتنمية الوعي بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وتمکين المجموعات الضعيفة من الحصول على حقوقها ونبذ الإستبعاد، وتدعيم الممارسة الديمقراطية واحترام الآخر وتوقيع التعاون والتبادل وبناء العلاقات بين الفاعلين في إطار المجتمع المدني، وزيادة الثقافة المدنية. ولکن حتى يستطيع الشباب الإضطلاع بهذه الأدوار، فهناک مجموعة من الينبغيات يتوجب تفعيلها في الوجود الکوني الافتراضي وثورة المعلومات. ولکن قبل أن نضع هذه الاعتبارات دعونا نقف على طبيعة القوالب المفهومية المستخدمة وتفکيک دلالتها ومعانيها، حتى يسهل علينا وضع تصور محدد في هذا السياق(3).

DOI

10.21608/jfss.2016.58761

Keywords

فقه ما بعد الإنسانية

Authors

First Name

شحاته

Last Name

صيام

MiddleName

-

Affiliation

رئيس قسم العلوم الاجتماعية السابق کلية الخدمة الاجتماعية-جامعة الفيوم

Email

-

City

-

Orcid

-

Volume

4

Article Issue

4

Related Issue

8953

Issue Date

2016-07-01

Receive Date

2016-05-14

Publish Date

2016-07-01

Page Start

63

Page End

83

Print ISSN

2682-2660

Online ISSN

2682-2679

Link

https://jfss.journals.ekb.eg/article_58761.html

Detail API

https://jfss.journals.ekb.eg/service?article_code=58761

Order

3

Type

المقالة الأصلية

Type Code

1,010

Publication Type

Journal

Publication Title

مجلة کلية الخدمة الاجتماعية للدراسات والبحوث الاجتماعية

Publication Link

https://jfss.journals.ekb.eg/

MainTitle

الشباب والمثقف متعدد الأبعاد: فقه ما بعد الإنسانية

Details

Type

Article

Created At

22 Jan 2023