Beta
58754

البحث العلمي بين المشکلات المنهجية وعدم صدق النتائج

Article

Last updated: 24 Dec 2024

Subjects

-

Tags

-

Abstract

لا يستطيع أن ينکر أحد أهمية البحث العلمي في تطوير النظرية والممارسة في جميع العلوم بصفة عامة والخدمة الاجتماعية بصفة خاصة. وقد کان للبحث العلمي الکثير من الانجازات التي نقلت الخدمة الاجتماعية من مجرد مهنة تقديم خدمات ومساعدات إنسانية قائمة على المساعدات الاجتماعية والاقتصادية إلى الفقراء والمحتاجين إلى مهنة إنسانية واجتماعية لها قاعدتها العلمية والتطبيقية والتي اقتحمت جميع مجالات العمل الإنساني وألقت بجذورها فيه وأصبحت لها قيمتها في المجتمعات المتحضرة.
        ويمکن القول بأن البحث العلمي يعتبر عنصرا أساسيا وحاسما في بناء الممارسة المهنية الفعالة وتطورها بما يضمن استمرارها وتحقيقها لأهدافها في إطار المتغيرات الإنسانية المتجددة والمتطورة.
أما على الجانب القومي والعربي فإن البحث العلمي يعاني في مصر والوطن العربي وخاصة البحث في الخدمة الاجتماعية العديد من المشکلات التي أثرت بدرجة کبيرة على فعالية النتائج التي يتم الوصول إليها من خلال البحوث العلمية المتعددة في هذا المجال. ولعل أهم المشکلات التي يعاني منها البحث العلمي في مجتمعاتنا هي مشکلات المنهجية التي تمثل الدعامة الأساسية لنجاح البحث العلمي والوصول إلى النتائج التي يمکن أن تفيد النظرية والممارسة في الخدمة الاجتماعية.
ولقد کان لعلماء الخدمة الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريکية فضل السبق في تقييم نتائج بحوث الخدمة الاجتماعية وجوانب القصور التي أدت إلى التشکيک في صدق النتائج وخاصة خلال الحقبة المبکرة التي تلت ظهور مهنة الخدمة الاجتماعية. ويعتبر ما قام به کل من ألين روبن وإيرل بابي Rubin A, & Babbie (2001) من مقارنة نتائج لعدد من البحوث العلمية في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية التي أجراها بعض القدامى والمحدثون من علماء الخدمة الاجتماعية من أهم الإشارات إلى أهمية دقة ورصانة البحث العلمي في الوصول إلى النتائج التي تثري الممارسة.
        وقد تعرض الکاتبان لبحوث بعض العلماء البارزين في الخدمة الاجتماعية والتي تقيم فعالية التدخل المهني. ومن أهم ما تناوله الکاتبان البحث الذي قام به فيشر Joel Fischer (1973) وأحدث صدمة في أوساط ممارسة الخدمة الاجتماعية بالولايات المتحدة الأمريکية، عندما قام بتحليل مجموعة من الدراسات التجريبية التي تقيم فعالية طريقة خدمة الفرد. وقد وجد فيشر إحدى عشر دراسة فقط تتمشى مع المعايير التي حددها في هذه الدراسات. وقد أجريت هذه الدراسات في الولايات المتحدة الأمريکية في الفترة التي تلت عام 1930. وقد تضمنت هذه الدراسات مقارنة جماعات يتم التدخل المهني معها (تجريبية) مع جماعات لا يتم معها أي تدخل (ضابطة) أو جماعات يستخدم معها أساليب بديلة للتدخل غير الخدمة الاجتماعية. کما اعتمدت هذه الدراسات أساسا على الأخصائيين الاجتماعيين الممارسين في إطار خدمة الفرد. وقد أشارت نتيجة دراسة فيشر أن هناک ست دراسات من بين الدراسات الإحدى عشر لم تظهر أي تأثيرات دالة بين الجماعات التجريبية التي استخدمت معها أساليب التدخل في خدمة الفرد وبين الجماعات الضابطة التي لم تتعرض لأي تدخل. أما الخمس دراسات الأخرى التي قارنت التدخل المهني لخدمة الفرد مع أنواع التدخل الأخرى، فقد أظهرت ثلاث دراسات منها عدم وجود فروق دالة بين الجماعات التي استخدم معها التدخل في خدمة الفرد والجماعات التي استخدمت معها أشکال تدخل أخرى، أو أظهرت فروق طفيفة لا ترجح کفة التدخل المهني في خدمة الفرد. أما الدراستان الأخيرتان فقد وجد فيشر فيهما وجود قصور منهجي يشکک في نتائجهما.
        ولعل دراسة فيشر ليست هي الوحيدة في هذا الإطار فقد تعددت الدراسات التي انتقدت فعالية التدخل المهني للخدمة الاجتماعية، فبعض هذه الدراسات انتقد التصميمات المنهجية التي اختبرت برامج التدخل المهني، والبعض الآخر انتقد عدم وضوح عملية التدخل المهني أو عدم مناسبتها لمشکلات العملاء. وتعتبر دراسة کاترين وود Katherine Wood (1978) واحدة من أهم هذه الدراسات والتي بدأتها بعنوان أکثر إثارة وهو هل خدمة الفرد کإحدى طرق الخدمة الاجتماعية قد ماتت؟ Is Social Casework Died?. وقد راجعت وود من خلال هذه الدراسة 22 بحثا تناولوا التدخل المهني للممارسة المباشرة في الخدمة الاجتماعية في أربعة مجالات. وقد أظهرت "وود" أيضا عدم فعالية الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعية في المجالات التي تناولتها. وقد ذهبت "وود" إلى أبعد من ذلک حيث رأت من خلال تحليل الدراسات التي تناولتها وجود جوانب عديدة من القصور في الأطر المنهجية لهذه الدراسات والتي قد تکون هي السبب في الوصول إلى نتائج تلک الدراسات. وعموما اتفق کل من "فيشر" و "وود" على النظرة التشاؤمية للممارسة المباشرة.
   وعلى العکس من ذلک ظهرت العديد من بحوث العلماء المعاصرين في الخدمة الاجتماعية الذين کانت نتائجها أکثر تفاؤلا من بحوث فيشر وکاترين وود. فقد قام کل من ريد وهانراهان Reid & Hanrahan (1982) بمراجعة 22 دراسة تجريبية تقيم الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعية، حيث أجريت هذه الدراسات خلال الفترة من 1973 – 1979. وهو نفس ما قام به Rubin (1985) من خلال مراجعة 12 دراسة تجريبية تم نشرها خلال الفترة من 1978-1983. وقد أظهرت نتائج الدراستين السابقتين وجود درجة مناسبة من فعالية الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعية في التعامل مع المشکلات التي تتعامل معها في المجتمع.
   وبمراجعة نتائج الدراسات التي قام بها العلماء المحدثون والقدامى حول تقييم فعالية الممارسة المباشرة للخدمة الاجتماعية مع مشکلات العملاء خلال مراحل متفاوتة من الزمن. نجد أن العلماء المحدثين أکثر تفاؤلا من العلماء القدامى حول مستقبل التدخل المهني للممارسة المباشرة والدور الذي يمکن أن يلعبه في التعامل مع مشکلات المجتمع في ضوء النتائج التي توصلوا إليها. وقد أرجع بابي Rubin & Babbie هذا التفاؤل أو بمعنى أدق الاختلاف بين نتائج العلماء المحدثين والقدامى إلى:
1)  اتسم التدخل المهني الذي قام بتقييمه العلماء القدامى في الخدمة الاجتماعية مثل فيشر وکاترين وود بأنه غير محدد المعالم بمعني أنه لا يوجد برنامج للتدخل المهني بالمعنى المعروف يمکن تقييمه، لدرجة أن بعض هؤلاء الباحثين قد حدد مفهوم التدخل المهني بأنه کل الأعمال التي يقوم بها الأخصائي الاجتماعي المدرب. ولکن هل هذه الأعمال في إطار خطة أو برنامج مهني؟ هل يرتبط بنظرية أو إطار نظري معين؟ بالطبع لم يهتم مهؤلاء الباحثين بذلک في هذا الوقت. وعلى العکس من ذلک کانت أبحاث العلماء المحدثين أمثال ريد وروبين وبابي تهتم بتقييم برامج تدخل المهني محددة بدقة وتخضع في أسسها العلمية لنماذج أو نظريات علمية واضحة. ومن هنا کانت الفروق بين العلماء القدامى والعلماء المحدثين لصالح العلماء المحدثين في هذا الجانب وهو التحديد الدقيق لبرامج التدخل المهني المستخدمة.
2)  إن النتيجتين السابقتين تجعلنا نتساءل عن منهجية البحث التي اعتمد عليها العلماء القدامى، والأدوات التي استخدموها، ومعايير تقييم الأداء التي اعتمدوا عليها، والتصميمات المنهجية التي اختاروها، والأسس العلمية أو النظرية التي أسسوا عليها تفسير النتائج التي توصلوا إليها. ولعل ذلک ما دعا وود wood إلى التشکيک في صدق النتائج التي توصلت إليها معظم الدراسات التي قيمتها في دراستها، حيث أرجعت ذلک إلى ضعف منهجية هذه البحوث وخاصة التصميمات التجريبية التر رأت أنها لا تتناسب مع طبيعة التدخل المهني للخدمة الاجتماعية.  
وفي دراسة أجراها هشام عبد المجيد (1998) عن تقييم استخدامات التجريب في بحوث التدخل المهني مع الحالات الفردية، والتي أجريت على 22 باحثا من أعضاء هيئة التدريس بکليتي الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان والفيوم. أظهرت نتائجها وجود العديد من جوانب القصور في استخدامات بحوث التجريب سواء في طرق اختيار العينات أو تصميمات التجريب المستخدمة أو صياغة الفروض وغيرها.
إلا أنه بمرور الزمن وحتى الآن لازالت هناک العديد من الأخطاء المنهجية التي تتسم بها بحوث الخدمة الاجتماعية على کافة المستويات. ونظرا لما اکتسبه کاتب هذا المقال من خبره متواضعة في مجال البحث العلمي لعشرات من السنين نتيجة العديد من البحوث العلمية التي أجراها بل وأخضعها للتقييم الذاتي، وکذلک قيامه بالتحکيم على العديد من الأبحاث على کافة المستويات محليا وعربيا وعمله کعضو في لجان الترقيات، أمکن له متابعة العديد من البحوث وتحديد أهم جوانب القصور بها والمرتبطة بالمنهجية. ولعل هذه الخطوة من الممکن أن تساعد بدرجة کبيرة في الوصول إلى حلول إلى هذه المشکلات والتي يمکن أن ترفع من القيمة العلمية لبحوث الخدمة الاجتماعية في المستقبل بحيث تکون بصدق أساس تطوير النظرية والممارسة في الخدمة الاجتماعية. لذلک أتناول في هذه الورقة الموضوعات التالية:
1)    مفهوم البحث في الخدمة الاجتماعية وأهدافه
2)    منهجية البحث العلمي ومشکلاته في بحوث الخدمة الاجتماعية Methodology
3)    العوامل التي تؤدي إلى المشکلات المنهجية في بحوث الخدمة الاجتماعية.
4)    أهم المشکلات المنهجية التي تتضمنها بحوث الخدمة الاجتماعية وهي:
‌أ)       المشکلات المرتبطة بصياغة مشکلة البحث.
‌ب)  المشکلات المرتبطة بصياغة المتغيرات والمفاهيم.
‌ج)    مشکلات صياغة فروض البحث.
‌د)      المشکلات المرتبطة باختيار منهجية البحث وتصميماته.
‌ه)   المشکلات المرتبطة بأدوات البحث وخاصة المقاييس.
‌و)     المشکلات المرتبطة بالعينة.
‌ز)     المشکلات المرتبطة بنتائج البحث وتفسيرها.

DOI

10.21608/jfss.2016.58754

Keywords

البحث العلمي

Authors

First Name

هشام

Last Name

عبدالمجيد

MiddleName

-

Affiliation

أستاذ بکلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان

Email

-

City

-

Orcid

-

Volume

3

Article Issue

3

Related Issue

8949

Issue Date

2016-04-01

Receive Date

2016-02-14

Publish Date

2016-04-01

Page Start

33

Page End

56

Print ISSN

2682-2660

Online ISSN

2682-2679

Link

https://jfss.journals.ekb.eg/article_58754.html

Detail API

https://jfss.journals.ekb.eg/service?article_code=58754

Order

2

Type

المقالة الأصلية

Type Code

1,010

Publication Type

Journal

Publication Title

مجلة کلية الخدمة الاجتماعية للدراسات والبحوث الاجتماعية

Publication Link

https://jfss.journals.ekb.eg/

MainTitle

البحث العلمي بين المشکلات المنهجية وعدم صدق النتائج

Details

Type

Article

Created At

22 Jan 2023