أولا: مشکلة الدراسة وأهميتها :
تمارس طريقة تنظيم المجتمع من خلال مؤسسات اجتماعية يطلق عليها مسمي "أجهزة تنظيم المجتمع" يستمد منها المنظم الاجتماعي سلطته المهنية والقانونية في ممارسة عمله المهني ويعتمد على مواردها وإمکاناتها في إشباع احتياجات عملائه من سکان المجتمع.
وتتعدد هذه الأجهزة وتختلف باختلاف وظائفها ومهامها وکذلک تختلف بطبيعة ممارسة الطريقة بداخلها من حيث کون الممارسة أولية أو ثانوية حکومية أو أهلية.
ويقسم "جورين وبرلمان" أجهزة تنظيم المجتمع إلى ثلاث سياقات تنظيمية رئيسة يعمل من خلالها الأخصائي الاجتماعي المنظم هي المؤسسات التطوعية (الجمعيات الأهلية), مؤسسات التخطيط (الاتحادات والمديريات), ومؤسسات الخدمات مثل المؤسسات الصحية والتعليمية والوحدات الاجتماعية. (1)
إذن فمؤسسات الخدمات التعليمية (المدارس) هي أحد أنواع أجهزة تنظيم المجتمع التي يمارس المنظم الاجتماعي عمله من خلالها ملتزمًا بفلسفتها وساعيًا لتحقيق أهدافها عند تعامله مع عملائه من سکان المجتمع ( الطلاب وأولياء الأمور) الذي تتواجد به هذه المؤسسات وتحقيق الفعالية التنظيمية المنشودة من تلک المنظمات .
إن فاعلية أجهزة تنظيم المجتمع في تقديم الخدمات الاجتماعية لا تتوقف وحسب على الأداء المهني للمنظم الاجتماعي الذي يعمل بها فحسب بل إنه لا يمکن عزلها عن البيئة الداخلية للمنظمة ذاتها وما يسود بداخل هذه الأجهزة من سلوکيات تنظيمية مختلفة.
فلقد کانت النظرة التقليدية للأخصائي الاجتماعي أن يؤدي خدمات للعملاء فقط, بدون أي دور فعال له مع المنظمة التي يعمل بها. وقد انتقد هذا الوضع على أنه يؤثر سلبيًا على کفاءة وفاعلية الأخصائي الاجتماعي وبذلک يرى "ما کان وکاتلر" أن مسئولية الأخصائي الاجتماعي تجاه العملاء تفرض عليه أن يتولى عبء تطوير الخدمات التي تؤدي للعملاء کمًّا وکيفًا ومن ثم فمن واجبه أن يعمل على تطوير الظروف الملائمة داخل المنظمة التي يعمل بها کي يستطيع أن يساعد العملاء أفضل ما يمکن.(2)
فالمنظمات التي يعمل بها الأخصائي الاجتماعي لها مشکلاتها التنظيمية واحتياجاتها الخاصة إذا لم تشبع هذه المنظمات واحتياجاتها وتحل مشکلاتها الداخلية فإن معدل تحقيقها لأهدافها سوف ينحسر فالخدمة الاجتماعية إذن يجب أن ترتد إلى "الداخل" ولا ترکز على "خارج المنظمة" فقط, فالأخصائي الاجتماعي الذي يتعامل مع المواطنين عليه أن يجمع حصيلة خبراته في تعامله المهني معهم ويغذي بذلک عملية "الارتداد إلى المصدر" أو "التغذية الراجعة" لتزويد متخذي القرارات بالمنظمة بالمعلومات التي من شأنها أن تزيد من فاعلية خدمة المنظمة للمتعاملين معها والمستفيدين من خدماتها فالعمل مع المجتمع الداخلي للمنظمة يعني التعامل المهني مع مکونات المنظمة الاجتماعية ومجتمعها الذاتي, لمساعدتها على خدمة المواطنين بفاعلية متزايدة. (3)
وانطلاقًا مما سبق نجد أن البيئة الداخلية لأجهزة تنظيم المجتمع وبخاصة مؤسسات الخدمات التعليمية وما تحويها من عوامل تنظيمية لا يمکن أن تنفصل بحال عن فاعليه هذه المؤسسات في تحقيق أهدافها خاصة فيما يتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية.
إن المتغيرات التنظيمية التي تعج بها البيئة التنظيمية الداخلية لأجهزة تنظيم المجتمع ( مؤسسات الخدمات التعليمية ) کثيرة ومتعددة ومنها على سبيل المثال الثقافة التنظيمية السائدة بالمنظمة ومستوى الولاء التنظيمي للعاملين بها وطبيعة العلاقات التنظيمية بين أفرادها وجماعاتها ومستوى الثقة التنظيمية بين الرؤساء والمرؤوسين, کما تمثل العدالة التنظيمية أحد أهم المتغيرات التنظيمية بأي مؤسسة فضلًا عن أجهزة تنظيم المجتمع.
والعدالة التنظيمية کما يشير إليها "ماير وألن" هي الطريقة التي يعامل بها المرؤوسون من قبل منظماتهم وهي تعني بوصف وشرح دور العدالة في أماکن العمل.(4)
وتعد العدالة التنظيمية أحد أهم العوامل والمتغيرات التنظيمية ارتباطًا وتأثيرًا في الفاعلية التنظيمية داخل أي منظمة إذ أن العاملين الذين يشعرون بالعدالة من قبل رؤسائهم ومديرهم يتولد لديهم الشعور بالولاء للمنظمة مما يدفعهم إلى بذل المزيد من الجهود لرفع مستوى الأداء حتى لو لم يطلب منهم ذلک وهذا بدوره يؤدي إلى تحقيق الفاعلية التنظيمية المنشودة.(5)