تهتم الجغرافيا السلوکية بتحليل وتفسير سلوکيات الأفراد داخل حيز مکاني، وفي هذا الإطار تحاول هذه الورقة البحثية دراسة ظاهرة العنف ضد المرأة في مرکز ومدينة سوهاج؛ فهي مشکلة تهدد أواصر المجتمع ونهوضه حيث مستوى العنف يبقى مستمرًا وفي تصاعد في حاله أن العناصر المحافظة ما زالت متأثرة، وهو ما يؤثر على تضييق مشارکة المرأة في التنمية؛ فالمرأة نصف المجتمع ليس من حيث العدد الأکبر فقط بل من حيث الکيف؛ لأنها العامل الأساسي في تربية النصف الآخر، وهو ما قد يؤثر على نهوض المجتمع وتحقيق التنمية لأية منطقة جغرافية.
لهذا تتناول الدراسة التباين المکاني لظاهرة العنف في مرکز ومدينة سوهاج عام ٢٠١٩م وخلال الفترة من شهر يناير حتى أکتوبر عام ٢٠٢٠م؛ لإضفاء البعد الجغرافي عليها، وإبراز ظاهرة العنف بالأرقام الإحصائية، وقد اعتمدنا في إخراج هذا العمل على ثلاث مقاربات بدءًا من جمع الدراسات العلمية ذات الصلة بالموضوع، ومنها معلومات من مديرية الأمن عن النساء اللواتي تعرضن للعنف بشکوى رسمية في مراکز الشرطة، ثم التحقيقات الميدانية (استمارة ومقابلات شخصية)، وأخيرًا عمل الخرائط باستخدام برنامج .ARC GIS
وأجريت الدراسة على عينه عشوائية قوامها 284 مفردةً من الإناث بمرکز ومدينة سوهاج، وتوصلت الدراسة إلى وجود أثر للعوامل الجغرافية في مستويات العنف؛ فحالة العنف ترتفع في البيئة الريفية بواقع (149) حالة مقابل(135) حالة في البيئة الحضرية، کما أوضح البحث أن العنف المعنوي أکثر أنواع العنف الذي تتعرض له المرأة. وعن الأسباب الرئيسة للعنف، کانت الخلافات العائلية، وفيما يتعلق بالأسباب التي تدفع المرأة في المجتمع السوهاجي للبقاء أسيرة علاقة عنيفة هي مراعاة المظهر الاجتماعي. وأظهرت نتائج التحليل الکمي وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغيرات الدراسة