نتطرق بالبحث إلى إشکاليات التحکيم في المنازعات العينية العقارية، کأحد المسائل القانونية التي يثور الحديث عن مدى جواز اللجوء فيها إلى التحکيم بدلاً من المحاکم من أجل تسوية المنازعات التي تثار حول الحقوق المرتبطة بها. ويبدو أن الدافع وراء اللجوء إلى التحکيم بدلاً من القضاء بسبب ما عرف عن نظام التحکيم من أنه يوفر الکثير من المزايا التي تتفوق فيها على نظام القضاء التقليدي. بل أن التوجه العالمي في الوقت الراهن يميل إلى ترجيح کفة التحکيم على القضاء في تسوية المنازعات القانونية المتعلقة بالعقود، لاسيما عقود التجارة الدولية.
ويکتسب التحکيم في المنازعات العينية العقارية أهمية کبيرة في الوقت الحالي، لاسيما وأنه في السنوات القليلة الماضية قد أثيرت مسألة مدى جواز التحکيم في المنازعات العقارية، والأمر لم يتوقف على ذلک بل هناک اتفاقات للتحکيم قد أبرمت من أجل رفع الدعاوى التحکيمية أمام هيئات تحکيم بغرض الحصول على أحکام بصحة التعاقد في عقود بيع العقارات.
ويهدف أطراف عقد البيع من وراء ذلک إلى التحايل على القانون وقواعده الآمرة والتهرب من سداد رسوم الشهر العقاري المستحقة على شهر صحف الدعاوى المتعلقة بالحقوق العينية العقارية، کما أن الأمر لا يقتصر على ذلک بل له آثار ترتد على المصلحة العامة في الدولة تتمثل في النيل من استقرار المراکز القانونية لأصحاب وملاک العقارات ويفتح الباب أمام التحايل والغش والاستيلاء على أملاک وعقارات الآخرين والحصول على أحکمام بصحة ونفاذ عقود البيع، وهو ما يهدد الأمن والاستقرار القانوني في المجتمع.