تعتبر الجنسية المثلية ظاهرة منحرفة ليست حديثة وانما يعود تأريخها الى المجتمع الانساني القديم, وعليه تعد المثلية الجنسية مصطلح خاص للعلاقات الجنسية بأفرادٍ من نفس الجنس وذلک أياًما کان أطراف تلک العلاقة فعندما تکون بين رجلين تمسى (لواطاً) أو مثلية ذکورية وعندما تکون بين امرأتين تسمى في هذه الحالة (سحاقا) أو مثلية أنثوية, وبما أن المثلية الجنسية ظاهرة استثنائية في المجتمع تخرج عن اطر المألوف في العلاقات الجنسية فلابد من أن تکون هناک أسباب تقوم عليها لعل أبرزها وأهمها الاسباب النفسية والبيئية والعاطفية والبيولوجية أو الهورمونية. وقد عُرفت هذه الظاهرة قديماً عند قوم لوط وقد ورد وصف لها في مواضعٍ متعددة من القرآن الکريم في سورة الاعراف والنمل والعنکبوت والحجر والهود, وظهرت کذلک في المجتمع اليوناني والعبراني والمسيحي وانتشرت بشکل واضح في فترة خلافة العباسية واستمرت ممارستها الى وقتنا الحالي في المجتمع العراقي ليرتفع مؤشر الزيادة الملحوظ في انشارها, ونتيجة لخطورة هذه الظاهرة سلوکياً وأخلاقياً على الفرد والمجتمع بصورة عامة فقد ظهرت انظمة قانونية مناهضة ورافضة لهذه الظاهرة وقد عالجتها معالجة تشريعية خاصة من خلال نصوصاً عقابية على من يرتکبها أو يشرع في ارتکابها وفي صورة نصوص عقابية واضحة لجريمة المثلية الجنسية, بعد توافر ارکان الجريمة (الرکن المادي والرکن المعنوي) کقانون جزاء الکويتي رقم (16) لسنة 1960 وقانون العقوبات الجزائري الصادر بمرسوم 66 في 8 يونيو عام 1966 وقد شددت بعض التشريعات التي تطبق الشريعة الاسلامية عقوبة المثلية الجنسية لتصل الى الرجم حتى الموت کما هو الحال في السعودية وموريتانيا, في حين نجد ان المشرع العراقي لم يجرم الا السلوک الجنسي ولم يعتد بالمثلية الجنسية الطوعية للبالغين کجريمة بحد ذاتها, ولم يعرف ظاهرة (السحاق) ولم يشملها بالتجريم بوصفها ممارسة جنسية شاذة تتم بين الاناث, وفي المقابل توجد انضمة قانونية مؤيدة ومدافعة عن المثلية الجنسية وتعتبر اي محاربة لهذه الممارسات ومنعها يعد انتهاکاً للحق في الخصوصية والحق في عدم التمييز کما هو الحال في انکلترا وفرنسا والولايات المتحدة, ومن أجل الاحاطة بالموضوع فقد قسمناه الى ثلاثة مباحث, جاء المبحث الأول فيه تحت عنوان مفهوم المثلية الجنسية وأسبابها وتأريخ نشأتها وظهورها وذلک في ثلاثة مطالب, نبين في مطلب الأول مفهوم مصطلح المثلية الجنسية والمصطلحات المشابه لها وفي المطلب الثاني نوضح أسباب المثلية الجنسية, إما المطلب الثالث فقد خصصناه لبيان تأريخ المثلية الجنسية وتطور ظهورها, إما المبحث الثاني فلقد افرد له عنوان أرکان جريمة المثلية الجنسية والاثار الناجمة عنها, وعالجنا في المطلب الأول أرکان جريمة المثلية الجنسية والشروع فيها, وخصصنا المطلب الثاني لبيان الآثار الناجمة عن المثلية الجنسية, إما المبحث الثالث فقد جاء بعنوان موقف الانظمة القانونية من المثلية الجنسية وقد افردنا المطلب الأول له تحت عنوان موقف الانظمة القانونية المعارضة والرافضة للمثلية الجنسية وخصصنا المطلب الثاني لبيان موقف الانظمة القانونية المؤيدة للمثلية الجنسية, وبيّننا في المطلب الثالث موقف الانظمة القانونية العراقية من المثلية الجنسية وانهينا البحث بخاتمة اوجزنا فيها ما توصلنا ليه من نتائج ومقترحات.