تناولت الدراسة بيان العقوبات الأصلية المقررة لجريمة تمويل الإرهاب في التشريعات المقارنة, وتبين المنهج المشدد للمشرع المصري في مجال هذه العقوبات، لا سيما في قانون مکافحة الإرهاب لسنة 2015، إذ تبنَّى منهجاً سليماً وقيد العقوبات المشددة حسب الجهة التي يتم التحويل لصالحها. کما تناولت الدراسة بيان التدابير الجزائية المقرَّرة لهذه الجريمة، سيما التي يقضي بها بعد الحکم بالإدانة في جريمة التمويل، وفي أغلبها تکون مقيدة للحرية وتحول دون إقدام الجاني على ارتکاب الجريمة ثانية. وخلصت الدراسة إلى نتائج وتوصيات تتوافق والأهداف المحددة.
مقدِّمة:
يمثِّل الإرهاب تهديداً خطيراً لسائر الدول والشعوب کافة، واعتداء على القيم الإنسانية والأخلاقية، وانتهاکاً صارخاً لسيادة القانون والمواثيق الدولية، ممَّا دفع التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية إلى سن التشريعات والصکوک الدولية اللازمة لمواجهة مخاطر الإرهاب، وتحديد الوسائل والأدوات المختلفة لمواجهة هذه الظاهرة باعتبارها ظاهرة قانونية وظاهرة إجرامية خطيرة.
وتمويل الإرهاب والمنظمات الإرهابية يعدُّ من الدعائم والوسائل الأساسية لمواجهة ظاهرة الإرهاب، واتَّجهت التشريعات الوطنية، واتِّساقاً مع المواثيق الدولية إلى سنِّ التشريعات والقوانين الخاصة بمکافحة تمويل الإرهاب لمواجهة سيما إرهاب الکيانات والتجمعات الوهمية التي تحت ستار الاستثمارات تتولى مهمة تمويل المنظمات والجماعات الإرهابية. ونظراً لأهمية مکافحة تمويل الإرهاب، وباعتباره يوفِّر مصادر تغذي استمرار وديمومة الجرائم الإرهابية، فقد تضافرت هذه الجهود الوطنية في تقنين النصوص القانونية الخاصة بتجريم تمويل الإرهاب، وباعتبار جريمة التمويل جريمة مستقلة عن الأعمال الإرهابية، وهو ما تبنَّته التشريعات الجنائية الخاصة بمکافحة الإرهاب وتمويله.
وقد اعتمدت التشريعات الوطنية منهجاً واضحاً في مجال سياسة التجريم الخاصة بمواجهة تمويل الإرهاب، واعتبار التمويل لذاته مجرَّماً ولو لم ترتکب الجريمة الإرهابية، وفي مجال سياسة العقاب، اتَّجهت التشريعات الوطنية إلى اعتماد السياسة المشدّدة في مجال العقوبات المقرَّرة للجريمة، کما اعتمدت تقرير تدابير جزائية خاصة لمواجهة جريمة التمويل، وباعتبار هذه التدابير تتقرر بالإضافة إلى العقوبة الأصلية وبوصفها تدعم العقوبات الأصلية المقرَّرة لجريمة تمويل الإرهاب.