يهتم هذا البحث بالتعرف إلى تصورات النظريّة النقديّة حول إمکانات ممارسة التجريب في النقد الجماليّ من خلال قراءة ميتا نقديّة لتحليلات رواد الجيل الأول من مدرسة فرانکفورت، وهم "ماکس هورکهيمر"، و"ثيودور أدورنو"، و"هيربرت مارکوزه"، و"ڤالتر بنيامين"، سواء أکانت تحليلاتهم لواقع وتاريخ المنظومة النقديّة عامة، أم کانت لبعض الإنتاجات الإبداعية خاصة؛ إذ يتتبع هذا البحث ما رفضه هؤلاء الرواد في الممارسات النقديّة لسابقيهم ومعاصريهم، وما يأملون من النقاد، سواء أمعاصرين کانوا أم أسلاف، فضلا عن تجاوزه في تحليلاتهم النقديّة؛ من أجل النهوض بمنظومة النقد الجماليّ في العصر الحديث والعصور التي تليه؛ ومن ثم يستخلص البحث تصورات النقد الجماليّ الفرانکفورتيّ حول سبل ممارسة التجريب وأساليبه ووسائله في التحليل النقديّ الجماليّ. علمًا أنه کلما اتسمت التحليلات الفرانکفورتيّة بخصوصية جعلتها تنحو مناحي غير تقليدية، انعکس بدوره على هذا البحث ووجهه وجهة غير تقليدية تختلف عن طبيعة البحوث النقديّة؛ إذ ينشغل بالبينية، الموجزة ولکن غير المخلة، کي يتمکن من تغطية أغلب جوانب الفکر التجريبيّ للنقد الجماليّ الفرانکفورتيّ، فضلا عن الاجتماعيّة والثقافيّة والأنثروبولوجيّة، وکذلک العامة والذاتيّة واللغويّة، العقليّة والوجدانيّة...إلخ، عوضًا عن الانشغال بتحليل العناصر الأساسيّة المتعارف إلى تناولها في أغلب البحوث النقديّة؛ وذلک في حدود ما يضمن له أن يظل في مجال النقد لا غيره، ويتحدد هدفه الأسمى في تحليل فرضيات الفکر التجريبيّ في النقد الجماليّ الفرانکفورتيّ؛ ثم وأخيرًا البحث في إمکانية وکيفية إفادة نقاد العصور اللاحقة منها، مع کون الممارسة النقديّة قد مرت بتغيرات کثيرة ومکثفة منذ فترة الجيل الأول لفرانکفورت وحتى الآن.