يتخذ البحث من السيرة الذاتية الفکرية لکل من الدکتور عبدالرحمن بدوي في سيرته الموسومة بـ (سيرة حياتي) وتقع في جزءين، والدکتور جلال أمين في سيرته الموسومة بـ (ماذا علمتني الحياة) التي ألحق بها کتابين آخرين يستکمل فيهما ما احتاج تعقيبًا وهما (رحيق العمر) ثم (المکتوب على الجبين)- مادة للدراسة ، ومن ثم تتألف مدونة الدراسة من هذه المجلدات الخمسة لقراءة فعل السرد الذاتي الفکري لدى هذين المفکرين، من خلال الراوي الذي يتنوع ظهوره وحضوره داخل السيرة الذاتية..
إن تقنية الراوي داخل السيرة الذاتية تستدعي فنية العمل، فالراوي بما يقدمه ليس مجرد إخبار عن حياته الخاصة ومدى مصداقيته، " فمصداقية الکاتب ليست هي موضوع کلامنا، بل قدرة الکاتب الفنية على تحويل مصداقيته إلى مصداقية مستقلة عنه " قائمة في عمله، فتتجاوز المصداقية حدود فرديته کشخص، إلى واقعيتها الفنية، وفنية العمل وأسلوب السرد داخله ونمط بنيته السردية، فندخل في علاقة محاورة لا مع الراوي ومن خلفه الکاتب بل في علاقة مع نصه الأدبي.
وقد انتهى الفصل لمجموعة من النتائج تکشف عن الراوي وأنواعه المختلفة، وقد ظهر في السيرة بضمير الأنا ليتطابق الراوي مع البطل والمؤلف، کما ظهر الراوي بضمير الغائب وکذلک الراوي کلي المعرفة والراوي من الخارج، وکان کل ظهور مرتبطًا بالموضوع الذي يعبر عنه السرد.