في أواخر عام 1916، کانت الحکومة الروسية وأعداؤها يستعد کل منهما للثورة التي رأوها وشيکة، لکن کلا من الفريقين فاجأته الثورة حين وقعت، فالملکية الروسية انهارت قبل أن توجه إليها الضربات التي تسقطها، وخنقتها الثورة تحت أنقاضها
ففي الثالث من مارس 1917 أعلن عمال مصنع بوتلوف في بتروجراد -عن إضراب ضد الحکومة، تبعه سلسة من المظاهرات التي فاقمتها أزمة الخبز، فاندلعت أعمال شغب في جميع أنحاء مدينة بتروجراد، التي سرعان ما تحولت لمظاهرات سياسية؛ حيث طالب المتظاهرون باستبدال القيصر بزعيم سياسي أکثر تقدمية، وإنهاء الحرب والإطاحة بالنظام الملکي الروسي . وبدلا من حل المشکلة،أقدم القيصر على حل مجلس الدوما، مما استدعى أن يعمل الأخير بمعزل عنه، فهمًّ رئيسه رودزيانکو بتکوين لجنة مؤقتة لاستعادة القانون والنظام برئاسته، وأعلنت اللجنة نفسها الهيئة الحاکمة للإمبراطورية الروسية . ولم تمض سوى أربع أيام حتى تنازل القيصر نيقولا الثاني عن العرش في 15 مارس، ورشح شقيقه الدوق الأکبر مايکل الکسندروفيتش لخلافته . في اليوم التالي، رفض الدوق الأکبر العرش، منهيًا بذلک حکم سلالة رومانوف الذي دام لثلاثة قرون.
وتهدف هذه الورقة إلى دراسة موقف حکومة روسيا المؤقتة الأولى برئاسة جورجى لفوف من الحرب؛ من خلال الإجابة على خمس تساؤلات: ما طبيعة البناء الطبقي والحزبي للحکومة وکيف تعاملت مع شرکاء السلطة –مندوبي سوفييت بتروجراد-؟ ما هو الموقف المبکر للحکومة من مواصلة روسيا الحرب وکيف رآه شرکاؤهم في السلطة؟ ما هي الاستراتيجية التي نهجها شرکاء روسيا في معسکر دول الوفاق من أجل حض حکومتها المؤقتة على مواصلة الحرب؟ کيف تفاعلت التيارات السياسية الروسية وخصوصًا البلاشفة مع الموقف الرسمي؟