في ظل الجهود المبذولة من قبل الدولة المصرية تجاه مکافحة التطرف بکافة أشکاله، جاءت الدراسة الراهنة بهدف تحليل آليات المؤسسات الدينية الرسمية في مصر –الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية- تجاه إعداد وتأهيل المفتين الجدد والقدامى، ومردوده الاجتماعي، في ضوء الحفاظ على ثوابت الدين وهوية المجتمع، وتحديث الخطاب الإفتائي النابع من الشريعة الإسلامية بما يتوافق مع صحيح الدين، وثقافة المجتمع المصري وتحدياته الأيديولوجية والأمنية. وبهدف دمج المفاهيم الحديثة في الخطاب الديني، وتعزيز التشکيلات الجديدة للأوطان. والسعي نحو دحض التنافر الموجود بين خطاب المؤسسات الدينية الرسمية وخطاب الأجهزة الحکومية الأخرى، وتقليص الانقسامات المتزايدة في المجتمع المصري، حيث إن إساءة استخدام المتطرفين للدين –من قبل المفتين الجدد أو القدامى- يلحق ضرراً کبيراً بصورة الإسلام، من ناحية، واستقرار وهوية المجتمعات من ناحية أخرى. ولتحقيق هذا الهدف اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، وتم استخدام "الاستبيان المتعدد" کأداة أساسية لجمع البيانات، بجانب تحليل بعض التقارير والوثائق الرسمية للمراکز والمراصد الدينية التابعة للأزهر الشريف ودار الافتاء المصرية. واعتمدت الدراسة على عينة قوامها (142 مفردة) تم انتقاؤهم بطريقة "العينة القصدية" من القائمين على شؤون الإفتاء في مشيخة الأزهر ودار الإفتاء المصرية بالمقر الرئيسي بالقاهرة. وطرحت الدراسة تساؤلاً رئيساً مفاده: کيف تتم عمليات تأهيل المفتي في مصر بهدف الحفاظ على ثوابت الدين واستقرار الدولة المصرية؟ وکشفت نتائج الدراسة؛ وجود تحديات منهجية وسياسية أمام تخريج مفتي کفء ومعتدل. کما رصدت الدراسة أهم الخصائص والمهام الواجب توافرها في المفتي المعاصر لمواجهة الفکر المتطرف، کما تم تقييم برامج التأهيل والتدريب (المتخصصة، التثقيفية، والبرامج عن بعد)، وتم التعرف على أبرز مظاهر القصور العلمي والمنهجي لدى بعض المتصدرين للفتوى في مصر، ومردوده الاجتماعي. وکشفت الدراسة أيضاً؛ أهم نقاط التماس بين المفتي والتکنولوجيا الحديثة، ومردود ذلک على قضايا التطرف والإرهاب. وفي الأخير، عرضت الدراسة أهم سبل تعزيز دور المفتي في المستقبل لمواجهة أزمة الإسلاموفوبيا، ومخاطر الفتاوى الهدامة.