يهدف هذا البحث إلى دراسة بلاغة النظم في لاميات الخنساء في ضوء الروايات الشعرية؛ للکشف عن المزية الجمالية في تعلق الکلم بعضه ببعض، وجعل بعضه بسبب من بعض؛ وللوقوف على تميز مبدع على آخر، أو مزية رواية على أخرى، وقد تقع المزية ببيان الأبلغ أو الأدق في ضوء السياق أو المقام الذي سيقت على مقتضاه المعاني. ويکتسب البحث أهميته من اختبار الموازنة بين الروايات الشعرية في النظم عند الخنساء؛ لبيان جمالياتها البلاغية. وقد اتجهت الدراسة نحو الوقوف على التشکيل الجمالي لشعرية النص الرثائي عند الخنساء في مبحثها الأول؛ وتمثل في شدة انفعالية النص الرثائي في شعرها، وجودة الانتقاء الأسلوبي في النظم، وجودة الخلط بين المدح والتفجع، وکثرة الإجمال في الموازنة بين المرثي وأقرانه.
وعالج المبحث الثاني بلاغة النظم في الروايات الشعرية للاميات الخنساء؛ متجاوزا الفهم السطحي للعلاقات بين الکلم؛ نظرا لأنه يفقده المزية الجمالية، ويعزل المتلقي عن الولوج فيما بين الکلام من نسب لاصق؛ لاقتناص الشوارد، وميلاد المعاني البکر. وقد تميز رثاء الخنساء بالاستقصاء الکلي في النظم لصفات المرثي؛ فقد تهمل أمرا في موضع وتستأنس به في آخر؛ ليطول وقوف المتلقي عند ما ذکرته، أو تذکر الأمر وتتبعه بضده في ذات المقام، ليوازي المتلقي بينهما، فيعظم التفجع بعظم المدح.